مصر والعراق يطلب منهم إسعاف المسلمين، وإرسال الطعام إلى الجائعين،
فأرسلوا له ما سد حاجة المسلمين، وأخرجهم من الضائقة، وأعاد إليهم
الحياة التي كانوا فيها من قبل.
ومن كل هذه الحلول التي وضعها الرسول، ونفذها أصحابه من بعده
فهم الفقهاء أن للخليفة حق فرض الضرائب على المسلمين ليسهموا في
تخفيف الأزمات الاقتصادية التي تنزل بإخوانهم، واشترطوا لفرض هذه
الضرائب خلو بيت المال من المال الذي يسد تلك الحاجات، فقد أفتى
بذلك علماء الأمة الظاهر بيبرس عندما هب لدفع غزو التتار عن بلاد الشام،
واستفتاهم في جواز أخذ شيء من أموال الناس لتسديد نفقات الجيش فأفتوه
بذلك بشرط أن يرد السلطان كل ما عند جواريه وأعوانه من حلى وأموال إلى
بيت المال (1).
كذلك أفتى به العز بن عبد السلام قطز حينما استفتاه في ذلك وهو
خارج للقتال مع صلاج الدين الأيوبي ضد الصليبين قال له: (جاز لكم أن
تأخذوا من الرعية ما تستعينون به على جهادكم بشرط ألا يبقى في بيت المال
شيء، وتبيعوا مالكم من الحواتض المذهبة والآلات النفيسة، ويقتصر كل
الجند على مركوبه وسلاحه، ويتساووا هم والعامة) (2).
وقد اعتمد العلماء في هذه الفتاوى وأمثالها على قواعد، وضعها الرسول
في مثل قوله - عليه الصلاة والسلام -: "في المال حق سوى الزكاة " (3).
وما روى عن علي - رضي الله عنه - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - " قال: "إن الله
فرض على أغنياء المسلمين في أموالهم بقدر الذي يسع فقراءهم، ولن يجهد
الفقراء إذا جاعوا وعروا إلا بما يصنع أغنياوهم، ألا وإن الله يحاسبهم حسابا
شديدا، ويعذبهم عذابا أليما" (4).
__________
(1) مقومات الاقتصاد الإسلامي ص: 158.
(2) نفسه.
(3) رواه الدارقطني وفي سنده.
(4) رواه الطبراني في الأوسط والصغير.
172