كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

أثر الفتوح في النمو الاقتصادي
كان للمعارك العسكرية بين المسلمين وغيرهم أثر واضح في الحياة
الاقتصادية بالنسبة للمسلمين، لأن هذه المعارك كانت مصدر رزق وكسب
طيب للمجاهدين، حيث أحل الله الغنائم لهذه الأمة، فكانوا يقتسمونها بينهم
بالسوية، غير أن الفارس كان يتميز على الراجل لحسن بلائه، وعظيم غنايه.
وكانت معركة بدر أول معركة أباج الله لهم الغنائم على أثرها، وكانوا
قد غنموا منها مغانم جيدة وأسروا سبعين من رجال قريش افتداهم أهلهم
وذووهم بمال كثير فتحسنت الأوضاع الاقتصادية، وإن كان لا يزال مجموع
المسلمين في ضائقة تحتاج إلى تفريج.
ثم كان إجلاء بني النضير عن المدينة والاستيلاء على أموالهم
ومزارعهم أول فرصة أتاحت للمسلمين العيش في شيء من البحبوحة، فإن
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قسم هذه الأموال بين المهاجرين حيث كانت له خاصة
يضعهاحيث يشاء (1).
وكأن رسول الله أراد بقسمها على المهاجرين الأولين دون الأنصار أن
يخفف عن الأنصار العبء الذي حملوه من مؤونة إخوانهم الذين هجروا بلدهم
وتركوا فيه أموالهم وتجاراتهم، وكان الأنصار يتحملون نفقة المهاجرين الفقراء
مع عجزهم وقلة مواردهم، فلما قسم رسول الله أموال بني النضير على
المهاجرين، اصبح المهاجرون يحملون عبء أنفسهم من هذا الفي ء،
وأصبحت بالتالي أموال الأنصار لهم خاصة لا يشاركهم فيها أحد فتحسنت
أحوالهم المعيشية نوعا ما.
ثم كانت غزوة خيبر، وقد أفاء الله فيها على المسلمين خيرات كثيرة
وغنموا منها مغانم عظيمة. يقول أبو هريرة -رضي الله عنه - افتتحنا خيبر، ولم
نغنم ذهبا ولا فضة، انما غنمنا البقر والإبل والمتاع والحوائط) (2) - وهي البساتين -.
__________
(1) ابن هشام (3/ 110)، صحيح مسلم.
(2) البخاري (7/ 487).
173

الصفحة 173