ولما جرت التقاسم في أموال خيبر شبع المسلمون، ووجدوا بها مرفقا
لم يكونوا وجدوه قبل (1) ويؤتده ذلك قول السيدة عائشة - رضي الله عنها - الما
فتحت خيبر قلنا: الآن نشبع من التمر) (2). وقول ابن عمر: (ما شبعنا حتى
فتحنا خيبر) (3).
وفي سنة يمان من الهجرة كانت غزوة حنين، وكانت الغناتم فيها شيئا
مهولا بلغ عدد الإبل أربعة وعشرين ألفا، وعدد الأنعام أكثر من أربعين ألفا،
وغنموا من الفضة أربعة آلاف أوقية (4).
وقد وزعها الرسول على المؤلفة قلوبهم حتى كان يعطي الرجل شيئا لم
يكن يتصور حصوله، تم قسم ما بقي على المحاربين الذين علم فيهم ضعفا
وحاجة فبلغ نصيب الرجل أربعة من الإبل مع أربعين شاة من الغنم، وإذا
كان فارسا كان سهمه اثني عشر بعيرا، ومائة وعشرين شاة (5).
وبدأت البلاد في الجزيرة العربية تشعر بقوة المسلمين وهيبتهم،
وأرسل لهم رسول الله رسلا فمنهم من دخل في الإسلام وأدى الزكاة، ومنهم
من صالح على الجزية والخراج، وكانت هذه الأموال تجبى وترفع إلى
الرسول في المدينة فيوزعها على المسلمين.
روى أنس بن مالك أنه أتى بمال من البحرين فقال - صلى الله عليه وسلم - أنثروه-
يعني صبوه في المسجد وكان أكثر مال أتى به النبي - صلى الله عليه وسلم - فخرج إلى
المسجد ولم يلتفت، فلما قضى الصلاة جاء فجلس إليه، فما كان يرى أحدا
إلا أعطاه، إذ جاء العباس فقال: اعطني فإني فاديت نفسي، وفاديت عقيلا،
فقال له: خذ فحثا في ثوبه، ثم ذهب يقله فلم يستطع، فقال: يا رسول الله،
مر بعضهم يرفعه إليّ. قال: لا، قال: فارفعه أنت عليّ، قال: لا.
__________
(1) مختصر السيرة ص: 316.
(2) البخاري (495/ 7).
(3) نفسه.
(4) مختصر السيرة ص: 359.
(5) نفسه: 369.
174