الميراث وأثره في الاقتصاد
تعددت مصادر الدخل عند المسلمين، ففرضت لهم الدولة نصيبا
محدودا من بيت المال، واشتغلوا إلى جوار ذلك بالزراعة والتجارة، فنمت
الثروة، وزاد الدخل، ولقد سئل الزبير بن العوام، بم أدركت في التجارة ما
ادركت؟ قال: لأني لم اشتر غبنا، ولم أرد ربحا، والله يبارك لمن يشاء (1).
إن هذا السؤال يدل على المكانة التي بلغها الزبير - رضي الله عنه-
في التجارة حتى تعجب منه الناس وسألوه هذا السؤال، فلو لبم تكن تجارته
واسعة، وأمواله فيها تدعو إلى الدهشة لما سئل عن السر الذي أدرك به ما
ادرك في التجارة.
وكذلك كثرت أموال طلحة بن عبيد الله حتى روى أنه ابتنى دورا
وقصورأ بالكناس وبالسراة، وبالمدينة المنورة، وأن دخله كل يوم ألف دينار أو
يزيد (2).
ولقد بشر الرسول - صلى الله عليه وسلم - المسلمين بأن الدنيا ستفتح عليهم، وحذرهم
من التنافس فيها، فقال: أخوف ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من زهرة
الدنيا، قالوا: وما زهرة الدنيا يا رسول الله؟ قال: بركان الأرض. . . ثم قال:
إن هذا المال خضرة حلوة، فمن أخذه بحقه، ووضعه في حقه، فنعم المعونة
هو، ومن أخذه بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع (3).
لم يكن ذلك مجرد توقع قد يحصل وقد لا يحصل ولكنه كان حقيقة
ماثلة حتى كثر المال في المسلمين وكان الرجل يأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
فيقول: يا رسول الله، إني ذو مال كثير، وذو أهل وحاضرة فأخبرني كيف أنفق
وكيف أصنع؟. قال: تخرج الزكاة من مالك، فإنها طهرة تطهرك، وتصل
اقرباءك، وتعرف حق الجار والسائل والمسكين (4).
__________
(1) زعماء الإسلام ص: 141.
(2) الطبقات الكبرى (3/ 222).
(3) مسلم (142/ 7 - 143).
(4) المطالب العالية (1/ 260).
177