كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

ولكن الإسلام راعى توزيع هذه الأموال قلت أو كثرت على أقارب
المتوفي وعشيرته، وجعل نصيبا منها لمن ليس له حق في الميراث "وإذا
حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا
معروفا " (1).
ثم فصل الفرائض وحدد الأنصبة فجعل للوالدين نصيبا معلوما، وأعطى
للزوجة أو الزوجات حقا ثابتا ووزع مابقي من المال على الأولاد للذكر مثل
حظ الأنثيين.
يقول الأستاذ المودودي: فإن لم يكن له أحد من عشيرته الأقربين،
ورثه ذوو الأرحام والذين يمتون إليه بشيء من صلة النسب، على حسب
فروضهم وأنصبتهم، وإن لم يكن له أحد من ذوي الأرحام، أو من يمت إليه
بشيء من صلة النسب، يستحق تركته بيت مال المسلمين أو المجتمع
الإسلامي بأجمعه.
فهذا القانون - قانون الإرث - لا يسمح لشيء من الأموال المتجمعة أو
نظام من النظم الاقطاعية أن يبقى ثابتا دائما، بل الحق أنه يقضي على كل
فساد قد يتولد من كنز الثروة (2).
إن الثروة التي كانت مجتمعة في يد رجل واحد أصبحت تتداولها أيد
عديدة، وأن بعض الفقراء الذين لم يكن لديهم شيء من المال يستثمرونه قد
وصلت إليهم الأموال عن طريق الميراث، وأصبحت لديهم الفرصة للعمل
والاتجار والاستثمار.
وإننا لنلاحظ هنا ملاحظة هامة حيث حرص الإسلام على إمساك هذه
الأموال عن السفهاء ولو كانوا من المعمرين وأطلق فيها أيدي الراشدين ولو
كانوا من المراهقين، لأنه لا يريد من وراء توزيعها إلا استثمارها وتحصيل
الاستفادة منها وتنميتها، وذلك لا يتأتى مطلقا من السفهاء، لهذا قال -
__________
(3) النساء:8.
(1) نظام الحياة ص: 70.
179

الصفحة 179