كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

كذلك كانت تجلب بعض النقود الحميرية من بلاد اليمن في رحلة
الشتاء (1). كما كان يجلب بعضها من المغرب (2). وكانت هذه النقود
مستعملة في الدولة الإسلامية على ما هي عليه بشكلها، وما عليها من نقوش
وصور دون إدخال أي تغيير عليها.
نقل صاحب التراتيب الإدارية عن ابن عبد البر قوله: كانت الدنانير في
الجاهلية وأول الإسلام بالشام وعند عرب الحجاز كلها رومية تضرب ببلاد
الروم، عليها صورة الملك، واسم الذي ضربت في أيامه مكتوبة بالرومية،
وكانت الدراهم بأرض العراق وأرض المشرق كلها كسروية عليها صورة كسرى
واسمه فيها مكتوب بالفارسية.
ونقل عن العزفي أن الدنانير كانت تحمل إليهم في زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم -
من بلاد الروم فكانت العرب تسميها بالهرقلية.
تم علق بقوله: وهذه الدراهم مع إثبات صور ملوك الروم عليها كانوا
في صدر الإسلام يصلون بها، ويحملونها معهم، ولا يتنزهون عن ذلك (3).
وإذ كان الأمر كذلك فهل ظلت الدولة الإسلامية بدون نقد خاص بها،
أم أنها عمدت إلى ضرب سكك خاصة بها؟ وإذا كانت الدولة اتخذت نقدا
خاصا بها ففي أي عهد حصل ذلك؟؟.
ونستطيع أن نجمل القول في الإجابة على هذا السؤال بما يلي:
الأول: ضربت سكة المسلمين واستعملت في عهده - عليه الصلاة
والسلام - واستدلوا على ذلك بحديث رواه أبو داود وابن ماجة
وأحمد والحاكم في المستدرك عهدة بن عبد الله عن أبيه
قال: (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كسر سكة المسلمين الجائزة
بينهم إلا من بأس).
__________
(1) مختارات من قافلة الزيت ص: 57.
(2) التراتيب الإدارية (1/ 41 4).
(3) نفسه ص: 415 - 416.
181

الصفحة 181