كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

الرابع: إنها ضربت في عهد علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه - قال
بذلك الوزير التركي الشهير جودت باشا: قال: ومن المسلم عند
أهل العلم أن الذي أحدث ابتداء ضرب السكة العربية هو
الحجاح، ولكن ظهر خلاف ذلك عند وجود الكشف الجديد في
هذا الفن سنة 1276 هوذلك أن رجلا إيرانيا اسمه جواد أتى
إلى دار السعادة بسكة فضية عربية ضربت في البصرة سنة أربعين
هجرية (1).
هذا مجمل الأقوال في الموضوع، وإنني لألمح من خلالها قلقا لا
يستقر معه رأي من الاراء الأربعة بطريق تطمئن إليه نفس الباحث، وعند
مناقشة كل رأي منها ترى أنه غير قادر على الثبات أمام النقد الموجه إليه.
اما الرأي الأول: الذي أيده القائلون به بالحديث الشريف، فإن
الحديث مع صحته كما جزم بذلك السيوطي في الجامع الصغير في باب
المناهي إلا أنه ليس نصا في الموضوع حيث لم يذكر أن هذه السكة ضربت
خاصة للمسلمين، وإنما غاية ما يفهم منه أن السكة أطلق عليها اسم سكة
المسلمين لتملكهم إياها ولتعاملهم بها، فمن كسرها وهي كذلك فقد أتلف مال
المسلمين وضيعه وقد أباح الرسول كسرها إذا كان بها عيب يغر المسلمين
كأن تكون مزيفة أو مغشوشة وعلى هذا لا يمكن التسليم بالرأي الأول، وليس
له حجة غير هذا الحديث.
والذي يؤيد أن الدراهم المرادة في الحديث ليست دراهم إسلامية
خاصة ترجمة أبي داود وابن ماجة للباب فأبو داود يقول: باب كسر الدراهم،
وابن ماجة يترجم بقولى باب النهي عن كسر الدراهم. وهاتان الترجمتان وردتا
بلفظ العموم فدل على أن النهي في الحديث عن كسر الدراهم التي يتعامل
بها المسلمون سواء كانت عملة خاصة بالمسلمين أو عامة لهم ولغيرهم
ولكنها صارت ملكا للمسلمين.
__________
(1) التراتيب الإدارية (1/ 421).
183

الصفحة 183