كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

الثاني: إن عليا - رضي الله عنه كان في حالة حرب مستمرة، وقلق لم
ينقطع وبخاصة في سنة أربعين مما يشغله عن ضرب سكة
للمسلمين وهو بين ثنايا تلك المعمعة المزلزلة.
والذي تطمئن إليه النفس وتؤيده الأدلة هو أن المسلمين لم يضربوا
سكة خاصة بهم إلا في عهد عبد الملك بن مروان للأسباب الآتية:
اولا: لأنه رأى المؤرخين الثقات من المسلمين قال به ابن سعد في
الطبقات: حدثنا محمد بن عمر الواقدي حدثنا عبد الرحمن ابن
أبي الزناد عن أبيه قال: ضرب عبدالملك بن مروان الدنانير
والدراهم سنة خمس وسبعين، وهو أول من أحدث ضربها ونقش
عليها (1).
وقال بن أبو هلال العسكري (2) والعراقي عندما سئل عن
الدراهم الرومية التي عليها الصور قال: عندي أنها من القسم
الذي لا ينكر لامتهانها بالانفاق والمعاملة، وقد كان السلف
يتعاملون بها من غير نكير، فلم تحدث الدراهم الإسلامية إلا في
عهد عبد الملك بن مروان كما هو معروف (3).
وكذلك أبو السعود الفاس في إملاآته على الصحيح يقول:
ولم تكن سكة عند النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أبي بكر ولا عمر، ولم
يضربوا سكة في الإسلام حتى ضربها عبد الملك بن مروان (4).
وأما الخزاعي فيقول: إن قول من قال إن الدرهم والدينار
لم تكن معلومة إلى زمن عبد الملك حتى جمعها برأي الفقهاء
وهم، وإنما معنى ذلك أنها لم تكن من ضرب أهل الإسلام (5).
__________
(1) الطبقات الكبرى (5/ 170،.
(2) الأوائل ص: 205.
(3) التراتيب الإدارية (1/ 416).
(4) التراتيب الإدارية (1/ 415).
(5) الدلالات السمعية: القسم السابع باب صاحب السكة.
185

الصفحة 185