ويقول العياش: وقد نص المؤرخون على أن أول من
ضرب السكة في الإسلام عبدالملك بن مروان (1) كما يقول
المؤرخ التركي الشهير بجودت باشا: ومن العلم عند أهل العلم
أن الذي حدث ابتداء ضرب السكة العربية هو الحجاج (2) (أي
بأمر عبد الملك بن مروان).
ثانيا: روى المؤرخون أن القراطيس كانت تدخل بلاد الروم من أرض
مصر، وأن الروم كانت تدفع مقابلها الدنانير، وكانت الأقباط تذكر
المسيح وتنسبه إلى الربوبية - تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا -
وكانوا يجعلون الصليب في أعلاها.
لم يرض عبد الملك بذلك، وكتب مكان الصليب (بسم الله الرحمن
الرحيم، وقل هو الله أحد) مكان اسم المسيح فغضب لذلك أمبراطور الروم
جستنيان الثاني وكتب إلى عبدالملك بن مروان مهددا أنكم أحثتم في
قراطيسكم كتابا نكرهه، فإن تركتموه، وإلا أتاكم في الدنانير من ذكر بينكم ما
تكرهون، فعظم الأمر على عبد الملك وكره أن يترك سنة حسنة سنها، وأرسل
إلى خالد بن يزيد ابن معاوية، وقال له: تا أبا هاشم، إحدى بنات طبق،
وأخبره للخبر، فقال خالد: أفرج الله روعك يا أمير المؤمنين، حرم دنانيرهم
فلا فيتعامل بها، واضرب للناس سكا، ولا تبعث شيئا من القراطيس إلى
بلادهم، ولا تعف هؤلاء الكفرة مما كرهوا في الطوامير (3).
فقال عبد الملك: فرجتها عني فرج الله عنك، وضرب الدنانير (4).
والناظر في هذا الكلام يستطيع أن يحكم بأن المسلمين لم تكن لهم
سكة خاصة بهم، والا فأين هي؟ ولما وقع عبد الملك في هذا الحرج
والضيق حتى عبر عن ضيقه بقوله: إحدى بنات طبق؟ ولما زال عنه هذا
__________
(1) التراتيب الادارية (1/ 424).
(2) نفسه ص: 421.
(3) الطوامير جمع طامور وهو الصحيفة الكبيرة.
(4) البلاذري ص: 241 - 242، الأوائل ص: 205، الأمويون والبيزنطيون ص: 209.
186