كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

الضيق عندما اقترح عليه خالد بن يزيد أن يضرب للمسلمين سكة؟.
معنى هذا أن فكرة ضرب السكة لم تدر برأس عبدالملك، فكيف
تكون موجودة يتعامل بها المسلمون.
إن قصة القراطيس التي رواها المؤرخون، ونصت عليها الكتب
الموثوقة لدليل قاطع على أن المسلمين لم تكن لهم سكة مضروبة باسم
الدولة الإسلامية يتداولونها في معاملاتهم، وأن كلمة عبد الملك لابن عمه،
فرجتها عني فرح الله عنك، لأكبر شاهد على أن عبد الملك كان في حيرة من
أمره، فإذ يفعل وقد هدده الأمبراطور بضرب سكة يذكر فيها النبي - صلى الله عليه وسلم -
بسوء يجرح شعور المسلمين، ويؤذيهم؟. وكان اقتراح خالد بضرب السكة
هو تفريج الكربة، وإزالة الغمة حتى فرح به عبد الملك فرجا عظيما.
نستطيع أن نؤكد بعد ذلك إن ضرب السكة الخاصة بالمسلمين لم يكن
إلا في عهد عبد الملك بن مروان في سنة خمس وسبعين أو ست وسبعين
وبعد أن انتهى من مشاكله الداخلية (1).
حينثذ أمر الحجاح بن يوسف الثقفي بضرب السكة، وبتخليصها من
الغش، وأن يوجد ضرب الدرهم بعد أن كان متفاوتا (3)، ففعل الحجاح وشدد
على الناس ألا يضرب أحد سكة مهما كان وإلا ضرب عنقه (3).
إن خوف عبد الملك من تهديد جستنيان لم يكن إلا لأن الدينار
البيزنطي كان هو العملة الرئيسية التي يتعامل بها المسلمون في الأسواق
العالمية والإسلامية على حد سواء، لهذا خشي عبدالملك أن تضطرب
الأحوال الاقتصادية لدى المسلمين، وأن يكون لهذا الاضطراب أثره السيء
في نفوسهم.
ولهذا استشار عبد الملك خالد بن يزيد لأن الأمر أكبر من أن يتحمل
__________
(1) ابن سعد (15.17)، البلاذري ص: 453، العسكري ص: 205، الدينوري ص: 316.
(2) البلاذري ص: 452، العسكرى ص: 206.
(3) العسكري ص: 256.
187

الصفحة 187