كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

3 - الأسس التي قامت عليها امة الإسلام:
دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة المنورة، وقد استقرت عزيمته على أن
يحدث فيها تغييرا شاملا، يقضي به على الفساد المستشري في أوضاعها،
ويزيل المعالم التي من شأنها أن تثير الأحقاد بين سكانها، ويرسي قواعد
جديدة للأمة التي يريد تكوينها.
كان هناك فساد في الوضع الاجتماعي يتنقل في طبقات متناحرة،
وفساد في الوضع الاقتصادي، تعامل بالربا واحتكار للأرزاق، وكان هناك
ثارات تحرك أضغان القوم وتثير أحقادهم، كما كان هناك أمة ممزقة منهارة لا
تقوى على شيء تريده.
عمد رسول الله -! سميم - إلى التغيير، لينشىء أمة قادرة على حمل
رسالتها، وليوجد جيلا نسي العداوة السابقة، وتربى في أحضان المحبة
والإخاء، وكان التغيير في كل شيء حتى في الأسماء.
غير اسم يثرب، وقال: هي المدينة (1) حتى لا يبقى شيء من التقريب
والملامة في أذهان الناس، ورفض اسم الأوس والخزرج، وسماهم الأنصار
ليجتمعوا تحت اسم واحد، ويزول ما بينهم من الفرقة والخصام، ونجحت
الخطة، وظهر أتر التغيير في طباع الناس وأخلاقهم فعاشوا أخوانا متحابين،
تسودهم العدالة، وتشملهم المساواة، وعلى هذه القواعد أقام رسول الله
زر - أمة الإسلام في المدينة.
الأخوة:
آخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين المسلمين، وأكد القرآن الكريم عليها وقررها
"إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم " (2) فأصبح كل فرد في المجتمع
مرتبطا بباقي الأفراد، ولا يمكنه الانفصال عنهم حتى ولو أراده، وبلغت الأخوة
بين المسلمين مدى بعيدا، حتى كان الرجل منهم يرث أخاه في الإسلام،
__________
(1) مسلم.
(2) الحجرات: 10.
19

الصفحة 19