ويتضح من ذلك أن الدرهم والوقية كانا معروفين في المدينة، وكان
أهلها يزنون بهما في بيعهم وشرائهم وأما أهل مكة فكما ذكرت سابقا كان
التعامل بالوزن عندهم أكثر، ولهذا عرفوا أنواعا من الموازين لم يعرفها أهل
المدينة، وقد رأينا فيما سبق أن الرسول أرشد عائشة إلى الوزن، وردها إلى
وزن أهل مكة.
وكانت قريش تزن الفضة بوزن تسميه درهما، وتزن الذهب بوزن
تسميه دينارا، فكل عشرة من أوزان الدراهم سبعة أوزان الدنانير، وكان لهم
وزن شعيرة وهو واحد من ستين من وزن الدرهم وكانت لهم الأوقية وزن
أربعين درهما، والنمش وزن عشرين درهما، وكانت لهم النواة وزن خمسة
دراهم فكانوا يتبايعون بالتبر على هذه الأوزان (1).
هذه الأوزان كانت لقريش في الجاهلية، ولما دخل الإسلام أقرت
على ما هي عليه، يقول البلاذري، وكان المثقال عندهم معروف الوزن، وزنه
اثنان وعشرون قيراطا إلا كسرا، ووزن العشرة الدراهم سبعة مثاقيل،
فكان الرطل اثني عشر أوقية، وكل أوقية أربعون درهما فأقر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
ذلك، وأقره أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، فكان معاوتة فأقر ذلك على
حاله (2).
ومما ذكر نعرف أن الأوزان التي كانت مشهورة عند أهل مكة، وكانوا
يتعاملون بها هي، الشعيرة والقيراط والدرهم والنواة والمثقال والنش والأوقية
والرطل.
وكانوا يعرفون القنطار ويتعاملون به، وقد ورد ذكره في القرآن الكريم
" واتيتم احداهن قنطارا " (3) وقد فسرته روايات وردت عن السلف وأوفقها
ما رواه ابن جرير عن أبي بن كعب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (القنطار ألف أوقية
ومايتا أوقية) (4).
__________
(1) البلاذري ص: 453.
(2) فتوح البلدان ص: 452.
(3) النساء: 20.
(4) الطبري (245/ 6).
190