وإن الباحث ليجد في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي القرآن الكريم ما
يدل على اهتمام الإسلام باقتصاد الدولة المسلمة، ففي الحديث الشريف،
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله يرضى لكم ثلائا، ويكره لكم ئلاثا: فيرضى
لكم أن تعبدوه، ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا
تفرقوا. ويكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، واضاعة المال " (1).
والحديث يفيد أن الله - عز وجل - يكره إضاعة المال، ومفهوم هذا
أنه - سبحانه - يحب أن يحافظ المسلم على ماله، فلا ينفقه إلا في وجهه
المشروع، فيطعم به الجاثع، وتفك به المعاني، ويقري به الضيف، ويغيث
به الملهوف، وهو فوق هذا صاحب المشاريع الفعالة، يبني المصانع
المنتجة، ويقيم الشركات المثمرة، ويده ممدودة لأعمال البر والخير
والملاجىء والمشافي والمدارس، وله في كل ذلك اليد الطولى والجهد
المشكور.
لا شك أن المسلم باتباع هذا الاتجاه يسهم بنصيب وافر في تنمية
اقتصاد بلده، بمعالجة الأوضاع الاجتماعية التي إذا لم تعالج يعود على الأمة
وبالها، ويكتوي الناس بنار فسادها.
ومن أجل أن الله -تبارك وتعالى - يكره لنا إضاعة المال، ويحب أن
نحافظ عليه، أمرنا سبحانه - بألا نسلمه للسفهاء الذين لا قدرة لهم على
إدارته وتنميته، قال - تعالى -: " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله
لكم قياماً" (2).
يقول المفسرن: إن معنى الاية، ولا تؤتوا المبذرين من الرجال
والنساء والصبيان الأموال التي جعلها الله قياما لمعاشكم وصلاح أولادكم،
فيضيعوها في غير وجهها (3).
__________
(1) مختصر صحيح مسلم (3/ 64)
(2) النساء: 5.
(3) الجلالين، فتح القدير.
196