وأعتق من الأرقاء كثيرا، وقد بلغ ما أعتقه ثلاثين ألف نسمة (1).
وأما الزبير - رضي الله عنه - فقد اشتغل بالتجارة التي دزت عليه أموالا
طائلة، قيل له يوما: بم أدركت في التجارة ما أدركت؟.
قال: لأني لم أشتر غبنا، ولم أرد ربحا، والله يبارك لمن يشاء (2).
وهذه الكلمات على قصرها من الزبير بن العوام تدل على التزام
المسلمين بالقواعد الجديدة التي وضعها في الإسلام للمعاملات فهو لم يظلم
الناس في شرائه، ولم يقصد الربح الفاحش في بيعه فبارك الله له، واتسعت
تجارته إلى الحد الذي جعله مضرب المثل في نجاحه في التجارة.
لقد نما الاقتصاد الإسلامي نموا هائلا، وكانت هذه القواعد أسسا قوية
ارتكز عليها منذ نشأته، فتطور، وواكب ركب التقدم العظيم الذى سارت به
الدولة الإسلامية، حتى احتلت بجدارة أرفع مكانة طمحت إليها دولة في تلك
الحقبة من الزمان، وحتى قامت بمفردها مقام أكبر دولتين عرفهما التاريخ في
هذا العصر- دولتي الفرس والروم - وأخذت بمقدراتها الإدارية والاجتماعية
والاقتصادية ترث هذا المجد، وتضيف إليه من شريعتها ما يكفل لرعيتها حياة
كلها خير وبر، ورخاء وأمن، وتقدم وازدهار.
الدخل الفردي
وكان الخلفاء لا يألون جهدا في التوسيع على المسلمين وإعطائهم من
الأموال التي كانت تجبى من الجزية والخراج وقد اختلفت وجهتا نظري
الخليفتين أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- في تقسيم هذا المال، وتوزيعه
بين المسلمين، فكان أبو بكر- رضي الله عنه - يرى تقسيمه بالسوية بين
الناس، وكان يقول: هذا معاش والأسوة فيه خير من الأثرة، وقد قسم - رضي
الله عنه - ما بقي من المال الذي جاء على جميع المسلمين الكبير والصغير
__________
(1) زعماء الإسلام ص: 159.
(2) زعماء الإسلام ص: 141.
198