والحر والعبد، والذكر والأنثى، فخرج على سبعة دراهم ويلث لكل إنسان،
فلما كان العام المقبل جاءه مال كثير هو أكثر من ذلك، فقسمه بين الناس
فأصاب كل إنسان عشرين درهما (1).
وأما عمر - رضي الله عنه - فكان يرى التفاضل وتقديم بعض الناس
على بعض بما لهم من فضل القرابة والسبق في الإسلام وشهود المشاهد
الهامة كيوم بدر، ولهذا كان يقول: إن أبا بكر- رضي الله تعالى عنه - رأى
في هذا المال رأيا، ولي فيه رأى اخر، لا أجعل من قاتل رسول الله - عفر-
كمن قاتل معه. فلما هم -رضي الله عنه - أن يفرض للناس، قالوا له: ابدأ
بنفسك، قال: لا، نبدأ بالأقرب من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففرض للعباس، ثم
لعلي - رضي الله عنهما- حتى والى بين خصص قبائل حتى انتهى إلى بني
عدي بن كعب - قبيلة (2) -
وفرض عمر لكل زوجة من زوجات الرسول إثني عشر ألفا، وفرض
للعباس إثني عشر ألفا، وفرض للمهاجرين والأنصار الذين شهدوا بدرا خمسة
الاف، وفرض لمن كان إسلامه كإسلام أهل بدر ولم يشهدها أربعة الاف،
وفرض لأسامة بن زيد أربعة الاف، ولابنه عبد الله بن عمر ثلاثة الاف،
وفرض للحسن والحسين خمسة الاف خمسة آلاف، وفرض لأبناء المهاجرين
والأنصار ألفين ألفين، وفرض لأهل مكة وبقية الناس ثمانمائة ثمانمائة (3).
ونلاحظ في ذلك أن عمر - رضي الله عنه - لم يمنع أحدا من
المسلمين حقه في المال الذي دخل للدولة من الفيء والجزية والخراج، وانما
أعطى الناس جميعا على اختلاف طبقاتهم وأحوالهم، وفاضل بينهم بما ذكرنا
من قبل، وكانت القاعدة التي سار عليها لا أجعل من قاتل رسول الله كمن
قاتل معه.
__________
(1) الخراج ص: 42.
(2) الخراج ص: 43 - 44.
(3) نفسه ص: 43، وعند البلاذري أنه فرض للعباس خمسة آلاف كما فرض لعلي - رضي الله
عنهما - خمسة آلاف كذلك.
199