كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

كذلك نلاحظ أن العطاء كان جزلا، وأن المبالغ كانت وفيرة مما يدل
على تمكن الدولة من وضعها الاقتصادي.
ولقد كانت الأموال تحمل إلى عمر - رضي الله عنه - فيعظمها
لضخامتها وكثرتها، فقد كان - رضي الله عنه - لا يتصور أن يرد إلى الدولة
مال عظيم بهذا القدر.
حمل ابو موسى الأشعري - رضي الله عنه - إلى عمر ألف ألف، فقال
عمر: بكم قدمت؟ قال: باًلف ألف، فأعظم عمر ذلك وقال: هل تدري ما
تقول؟ قال: نعم، قدمت بمائة ألف ومائة ألف حتى عد عشر مرات.
فقال عمر: لئن كنت صادقا ليأتين الراعي نصيبه من هذا المال وهو
باليمن وماوه في وجهه (1).
ولم ينس عمر أمراء الجيوس وعمال الأقاليم، فكان يفرض لهم القدر
الذي يصلحهم ويعينهم على القيام بواجباتهم، ففرض لهم ما بين التسعمائة
والثمانمائة والسبعمائة كل بقدر حاجته وظروفه (2).
والشيء الذي سبق به أمير المؤمنين جميع النظم هو فرضة المولود،
فقد جعل لكل مولود يولد في الإسلام منذ ولادته مائة درهم، فإذا ترعرع بلغ
به ماثتين، فإذا بلغ زاده (3).
ولم يقصر عمر رضي الله عنه في حقوق اللقطاء، فكان يفرض للواحد
منهم كما يفرض للمولود بين أبويه، وكان يفرض لوليه رزقا يأخذه كل شهر
بالقدر الذي يساعده على القيام بشأن اللقيط، وكان يزيد أرزاقهم سنة بعد
سنة (4).
وعمر - رضي الله عنه - قد سبق جميع النظم في ذلك كما ذكرت،
__________
(1) الخراج ص: 46.
(2) نفسه.
(3) نفسه، البلاذري ص: 438.
(4) البلاذري 438.
200

الصفحة 200