حتى أن النظم التي راعت هذه الظروف قد قصرت فيما لم يقصر فيه عمر،
واننا حيث نرى النظم التي يشيد بها الناس، ويحسبون - لجهلهم - أنها
انصفت المحتاجين وراعت ظروفهم نجد أنها قد وقفت عند حد معين في
الوقت الذي تخطى فيه عمر كل الحدود.
فالنظم المالية الجديدة تمنح الوالد معونة لأولاده الثلاتة الأول فقط،
وما زاد على ذلك فليس داخلا في نطاق تلك المعوناتت، وكأنهم ليسوا
أولاده، وكأنه ليس مكلفا بالإنفاق، وإذا نظرنا إلى ما ينادي به زعماء الاقتصاد
في العالم اليوم من تحديد النسل استطعنا أن نربط بين تحديد المعونة للأولاد
الثلاثة الأول وبين نظرية تحديد النسل التي ملأوا الدنيا بها ضجيجا
وعجيجا، فهم بذلك يحاولون الضغط على الاباء ليحددوا النسل، ويخضعوا
لنظرياتهم الاقتصادية العرجاء.
أما النظام الإسلامي فكان يمنح الآباء عن كل ولد ينجبونه تلك
المكافآت مهما كان عدد الأبناء، وبذلك يكون عمر قد تفوق على تلك
النظم، وأدانها بالعجز والتقصير.
وهناك جانب آخر وهام تفوق فيه النظام الإسلامي، ذلك أن النظام
الاسلامي لم يعط طائفة من الناس دون طائفة، فبينما نرى النظام الجديد لا
يمنح تلك العطايا إلا لمنسوبي الحكومة فقط نرى النظام الإسلامي يمنح كل
الأب تلك المنح من غير شروط ولا قيود.
ونرى عمر - رضي الله عنه - كذلك قد سن سنة حسنة في اللقطاء
حيث فرض لهم مثلما فرض للمولود من أبوين معروفين، وشجع الأسر على
تربية اللقطاء، وجعل لهم جعلأ مقابل القيام عليهم وكان يوصي بهم خيرا،
ويجعل رضاعهم ونفقتهم في بيت المال (1).
وفي تربية اللقيط بين أفراد أسرة من الأسر رفع لمعنوياته، وإشعار له
__________
(1) البلاذري ص: 438.
201