وأراد أن يتخذ لهم سوقا مستقلا لم يعرف من قبل، ولم يغلب عليه اسم
سابق.
إننا نلاحظ أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعد دخوله المدينة قد أحدث كثيرا من
التغيير في النواحي المختلفة، كما غير اسم يثرب وسماها (طيبة وطابة)،
وغير التسمية المشهورة لسكان المدينة من الأوس والخزرج وسماهم الأنصار،
وكان المقصود من وراء ذلك التغيير أن ينسى الناس معالم الجاهلية التي كانوا
يعيشون فيها، وتتفتح عيون الناس، على وضع إسلامي يليق بمنهج الدولة
الجديدة، وشمير وفق خطتها.
ولم يكن عدول الرسول عن سوق بني قينقاع إلا من هذا القبيل،
وبحث الرسول عن مكان آخر يصلح سوقا للمسلمين، ووجده شرقي المدينة
بالقرب من بقيع الغرقد- مقبرة.
تحديد السوق:
وإذا عرفنا ذلك يجب أن نعرف حدود السوق، حتى نعرف أهمية
المكان، ونعرف الفوائد التي تعود على السكان من ورائه.
أستطيع أن أحدد مكان السوق على ضوء المعلومات التي بين يدي في
كتب المؤرخين المتقدمين.
يقول ابن زبالة في تحديد مقابر بني مساعدة التي جعلها الرسول في
السوق: وكانت مقابرهم ما حازت دار ابن أبي ذئب إلى دار زيد بن ثابت (1).
ويفسر السمهودي ذلك فيقول: إن دار ابن أبي ذئب، ودار زيد ابن
ثابت كانتا في شرقي السوق، الأولى من جهة الشمال، والثانية من جهة
الجنوب (2).
ويحدد ابن زبالة السوق من جهته الشمالية والجنوبية فيقول: إن عرض
__________
(1) أخبار المدينة (مخطوط).
(2) وفاء الوفا (2/ 748).
205