نعرف أهمية المكان بالنسبة لسكان المدينة، ونعرف الفوائد التي تعود عليهم
من وراء ذلك.
يحده شمالا ثنية الوداع الشامية وقد بنت عليها الحكومة مسجدا يعرف
بمسجد الثنية. ويحده جنوبا مصلى العيد المعروف الآن بمسجد الغمامة
الذي بناه العثمانيون. ويحده شرقا مشهد مالك بن سنان - رضي الله عنه-
وقد أدخل في الحرم وعلى بعد خمسين مترا تقريبا إلى الشرق من سور الحرم
الغربي الجديد.
ويشمل من جهة الغرب الأماكن التي أشرت إليها سابقا (1).
ومما سبق نستطيع أن نؤكد أن سوق المدينة الذي أنشأه الرسول - صلى الله عليه وسلم -
كان يقع في الجهة الغربية من المدينة، وأنه لم يكن بداخلها، وذلك ليتجنب
السكان ضوضاء السوق، ولغط الباعة ورفع أصواتهم ولتكون بيوتهم بعيدة عن
الروائح الكريهة التي تنبعث من مخلفات البضاعة، فتؤذي بقذراتها الناس،
وتسبب لهم الأمراض.
ثم إن اختيار السوق غربي المدينة فيه ميزات كثيرة لأهل المدينة،
وللتجار الذين يجلبون بضاعتهم إليه.
أما بالنسبة للتجار، فإن الموقع يمكنهم من حط رحالهم، وتنزيل
بضاعتهم بمجرد وصولهم دون أن يحتاجوا إلى السير بها بين شوارع المدينة
وفي وسط السكان مما قد يسبب بعض العوائق في سير القوافل.
لأن غربي المدينة هو أول ما يطالع القادمين إليها، سواء كانوا من
الشام التي كانت سوقاً عظيمة لبضائع المدينة كما كانت تجلب منها ما
يحتاجه أهل المدينة من الأقوات وغيرها أو كانوا من داخل الجزيرة يستوى في
ذلك أهل الشمال وأهل الجنوب.
__________
(1) المسافة بين حدي السوق الشمالي والجنوبي تساوي تقريبا ألفاً ومائتين وخمسين متراً والمسافة
بين حديه الشرقي والغربي تساوى ثلاثمائة مترا تقريبا.
208