فقال: "أما يكفيكم رخص هذا الطعام -يعني القمح - بغلاء هذا التمر الذي
تحملونه؟ ذروهم " (1).
هكذا كان موقف رسول الله من التجار الذين يقدمون إلى السوق،
فكان يسهل لهم ويغريهم بذلك لجلب بضائعهم والإتجار فيها.
كان سوق المدينة نقطة التقاء التجار، ومركز عمل داثب، ولم تكن
الحركة فيه محلية، مقتصرة على ما كانت تنتجه المدينة من الصناعات
المحلية، ولا ما تجنيه من الثمار المزروعة في أرضها، بل كانت البضائع
التي تعرض فيه محلية وعالمية، وكان التجار الذين يعرضون فيه بضائعهم
عربا وغير عرب وكان البزازون يتعاملون في السوق - والبز نوع من الثياب -
وكانت تجارتهم رائجة ورابحة ولقد كان الرسول يشجع على الاتجار في البز
بقوله: "عليكم بالبز، فإن صاحب البز يعجبه أن يكون الناس بخير وفي
خصب" (2).
وكان عثمان بن عفان - رضي الله عنه - من أكبر تجار البز، وكذلك
طلحة بن عبيد الله وأبو بكر الصديق وعبد الرحمن بن عوف، وأما الزبير ابن
العوام، وعمرو بن العاص، وعامر بن كريز فكانوا خرازين - رضي الله عنهم
أجمعين (3) -.
وصناعة النسيج كانت معروفة في المدينة جاء في الصحيح عن سهل
بن سعد قال: جاءت امرأة ببردة منسوجة، قال: أتدرون ما البردة؟ قال: كساء
مخطط، وقيل كساء مربع أسود فقيل: نعم هي الشملة منسوح في حاشيتها،
فقالت: يا رسول الله، إني نسجت هذه بيدي فجئت أكسوكها فأخذها النبى
- صلى الله عليه وسلم - (4) -
كما روى الطبراني أنه - صلى الله عليه وسلم - اشترى سراويل بأربعة دراهم، ويقول
__________
(1) الإصابة (2/ 1 0 4).
(2) رواه الخطيب في التاريخ، ورمز له في الجامع الصغير باًنه صحيح.
(3) تلبيس إبليس ص: 282 والخز ثياب مصنوعة من صوف وابريم.
(4) البخاري (43/ 3 1).
212