كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

المساواة:
وتلك هي القاعدة الرابعة، وبها يتم نظام الأمة المسلمة، والمساواة في
الحقوق والواجبات أمر لا بذ منه للإنسان، فالناس جميعا ولد لآدم عليه
السلام - فلا فضل لأحد على أحد، والناس سواسية كأسنان المشط، لا فضل
لعربي على عجمي، ولا فضل لأحمر على أبيض، ولا فضل لأبيض على
أسود.
وليس لعرق في الإسلام فضل على غيره، وليس لنسب ميزة مهما
كان، وإنما يكون التفاضل والتمايز بشيء مقدور للجميع، ويمكن لكل إنسان
أن يتنافس في مجاله، وذلك هو التقوى وعمل البر " يا أيها الناس أنا
خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوبا وقباتل لتعارفوا، إن أكرمكم عند
الله أتقاكم " (1).
فالتقوى هي ميدان التنافس، لأن باستطاعة كل إنسان تحصيلها، أما
اللون، أما الجنس، أما العنصر، فليس للإنسان قدرة على تحصيله ولهذا لم
يجعل حلبة يتسابق فيها المتسابقون، وفيما عدا التقوى فالناس كلهم في
الإسلام سواء في الأوامر والنواهي، وفي الحقوق والواجبات الملك والسوقة،
والرئيس والمرووس والسيد والعبد والرجل والمرأة.
وعلى هذه القواعد بنى الإسلام الأمة التي دانت به، ووضع أساس
حضارة قائمة على دعائم روحية ثابتة فالأخوة شاملة لا تختص بجماعة دون
جماعة (المسلم أخو المسلم) (2) والمحبة هي الوشيجة التي تربط بين قلوب
المسلمين، والعدالة هي أساس التعامل بينهم والمساواة حق من حقوقهم.
وإن مجتمعا تسوده هذه الصفات، ويقوم على أساسها لهو مجتمع
مثالي نادر الوجود، ومع ذلك فقد حققه الإسلام، وأقام به أمة صارت مضرب
الأمثال.
__________
(1) الحجرات: 13.
(2) أبو داود.
22

الصفحة 22