كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

4 - نظام الحكم في الإسلام:
تحتبر الحكومة الإسلامية أول حكومة عرفها القسم الشمالي من جزيرة
العرب، كما أن نظام الحكم الإسلامي هو أول نظام عرفته المنطقة، وكانت
من قبل تتحاكم إلى أوضاع تعارفت عليها، واتفق الناس على النزول على
حكمها، فلما جاء الإسلام أقر الصالح منها، ووضع أسسا جديدة للحكم بين
الناس مراعيا تحقيق المصلحة العامة القاتمة على العدل، والقرآن الكريم هو
دستور الحكومة الإسلامية، ترجع إليه في كل أمورها وأحكامها، وسنة
رسول الله - ىشم! - هي المفسرة لهذا الدستور والمبينة لغامضه، والمقيدة
لمطلقة، والموضحة لمبهمه، وإجماع المسلمين - يعني العلماء منهم - على
أمر ليس فيه نص قاطع ملزم للمتحاكمين، والمسائل التي ورد فيها نص، لا
يجوز الخروح عن النص عند الحكم فيها، وما لم يرد فيه نص ولا إجماع
يقاس على غيره من الأمويى الشبيهة به.
تلك هي القواعد الأساسية للحكم، وهذه هي مصادر التشريع في
الإسلام، فليس لأحد بعد ذلك أن يدخل في هذه المصادر شيثا لا علاقة له
بها، وليس لأحد حق في أن يضع قواعد الحكم من عند نفسه مهما كان،
والحكومة الإسلامية ملزمة بذلك بالنض لا بالاجتهاد، لقوله - تعالى -:
" وان احكم بينهم بما أنزل الله، ولا تتبع أهواءهم " (1).
ونحن نلاحظ أن الإسلام قد وضع القواعد العامة التي تندرج تحتها
جزئيات كثيرة، ولم يتعرض لهذه الجزئيات بالنص لأنها تختلف باختلاف
الأزمنة والأمكنة، وقد يدخل معها أشياء شبيهة بها لم تكن موجودة عند نزول
النص.
وإذا كانت الحكومة الإسلامية ملزمة باتباع النص، واذا لم يكن لها حق
الابتداع فيما ورد فيه نص، فكيف تقضي فى الأمور التي لم يرد فيها نص؟.
إن القرآن الكريم يوضح للحكومة الإسلامية موقفها في مثل هذه
__________
(1) المائدة: 9 4.
23

الصفحة 23