كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

الحالة، حيث يردها إلى الشورى، ويأمرها بالالتزام بها (وشاورهم في
الأمع (1) ولكي يؤكد معنى الشورى، ويجعلها لازمة من لوازم الحكومة
الإسلامية، يصف بها المؤمنين الذين استجابوا لربهم، ويقرنها بالصلاة،
فيقول - سبحانه -: " والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى
بينهم ومما رزقناهم ينفقون " (2).
وفي هذا النص الكريم نلاحظ أن الله - تبارك وتعالى - مدج الذين
يتخذون الشورى مبدأ لهم، وجعلها صفة بين صفتين من الصفات الخاصة
بالمؤمنين، فوضعها بين الصلاة والانفاق في سبيل الله، ليقرر بذلك أنها
صفة لازمة لهم كملازمتهم للصلاة والزكاة.
نظام الحكم يخي الإسلام قائم على أساس الشورى، وكل حاكم لا
يجعل الشورى أساسا لحكمه يستحق العزل، روى القرطبي عن ابن عطية
قوله: (إنه لا خلاف في وجوب عزل من لا يستشر أهل العلم والدين) (3)
وينقل الشوكاني عن ابن خوز منداد قوله: (واجب على الولاة مشاورة العلماء
فيما لا يعلمون، وفيما أشكل عليهم من أمور الدنيا، ومشاورة وجوه الجيش
فيما يتعلق بالحرب، ووجوه الناس فيما يتعلق بالمصالح، ووجوه الكتاب
والعمال والوزراء فيما يتعلق بمصالح البلاد وعمارتها) (4).
ومن هذا نفهم أن الشورى هي الأساس الذى بني عليه نظام الحكم
في الإسلام، وأن الشورى إنما تكون في الأمور التي لم يرد فيها نص شرعي
فإذا وجد النص فلا شورة ولا رأي ولا اختيار ولا مداولة، وإنما الامتثال
والتنفيذ.
ونفهم كذلك أن كيفية الشورى غير منصوص عليها، فالمطلوب
الشورى، وتتم بأية كيفية كانت، فمهما تحققت الشورى، وعمل بها فهو نظام
__________
(1) آل عمران: 159.
(2) الشورى: 38.
(3) فتح القدير (1/ 393).
(4) نفسه: 394.
24

الصفحة 24