كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

الإسلام، يقره الله ويرضى عنه (1).
يقول الأستاذ هيكل: (وقد كانت الشورى أساس نظامه لهذه الحياة،
فلم يكن ينفرد بأمر إلا ما اوحي إليه من عند الله) (2) ويقول الشيخ شلتوت:
(اما الشورى فهي أساس الحكم الصالح، وهي السبيل إ (ى تبين الحق
ومعرفة الآراء الناضجة، أمر بها القرآن الكريم، وجعلها عنصرا من العناصر
التي تقوم عليها الدولة الإسلامية) (3).
فالحكومة المستبدة خارجة على نظام الإسلام، والحكومة المتهاونة لا
تمثل نظام الإسلام، ذلك لأن الحكومة الإسلامية وسط بين الإفراط
والتفريط، فلا هي مستبدة ظالمة، ولا هي متوانية في أخذ الناس بالحق،
وحملهم على جادة الصواب.
ولقد راعى رسول الله! يهنديه وهو يرسي قواعد هذه الحكومة الظروف التي
واكبت قيامها، فقد كان هناك عدة مشكلات وكان لا بد من تذليلها والتغلب
عليها، فهناك مشكلة المهاجرين الذين لجأوا إلى المدينة بلا مال ولا عمل،
وهناك مشكلة الأوس والخزرح وما بينهما من نزاع طال أمده واستفحل
خطره، وهناك اليهود وما يقومون به من دسائس وفتن، وما أصلوه في
معاملات الناس من الربا والاحتكار.
كانت هذه مشكلات داخلية، تتطلب في معالجتها حكمة قادرة، وعقلية
فذة، ودقة نظر، وإحاطة بها من جميع جوانبها، لأن أي إهمال قد يؤدي إلى
تضاعف الخطر، وفساد الأوضاع، وإضاعة الفرصة التي سنحت وقد لا تعود.
وكان هناك مشكلة خارجية هي أهم من هذه المشكلات كلها، هناك
في مكة، ذلك العدو اللدود الذي تربص به ليقتله ولكن الله - عز وجل-
حفظه ورعاه، وهو عدو شرس، قادر على الاضرار والعدوان، ولو شاء أن
__________
(1) القيادة والجندية ص: 37.
(2) حياة محمد ص: 291.
(3) الإسلام عقيدة وشريعة ص: 368.
25

الصفحة 25