كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

يجهز جيشاً قوتا يغزو به المدينة لفعل.
واجه الرسول - صلى الله عليه وسلم - كل هذه المشكلات بشجاعة وحزم، ووضع لها
حلولا دلت على عبقرية ورجاحة عقل وخبرة فائقة وبدأ بمعالجة المشكلة
الخارجية، فكان عليه أن يحتمل مهاجمة قريش للمدينة في أية لحظة، وكان
عليه لهذا أن يدعم الجبهة الداخلية، ويقضي على مشكلاتها، حتى إذا
فكرت قريش في العدوان، تواجه أمة متحدة مترابطة تستطيع صد عدوانها
ببسالة، وترد كيدها إلى نحرها لهذا عزم -! سرو - على اتخاذ قرارات بمشاريع
تدعم الحكومة الجديدة، وتقؤي الجبهة الداخلية حتى تستسطيع مواجهة
خصمها العنيد.
ه - مشاريع التدعيم:
أ - بناء المسجد:
بدأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المشاريع ببناء المسجد، وكان للمسجد مهمتان
رئيسيتان: أحداهما دينية وهي إقامة الصلاة، وتعلم أمور الدين، والأخرى
سياسية وهي اجتماع المسلمين، والتأليف بين قلوبهم.
ونحن نلاحظ أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بدأ أعماله في قباء ببناء المسجد،
ولما ارتحل إلى المدينة بدأ كذلك ببناء المسجد حيث ترك ناقة تسير وكلما
أراد أحد أن يأخذ بزمامها يقول: (خلو سبيلها فإنها مأمورة) (1).
ولا تزال الناقة تسير وتلتفت يمنيا ويسارا كأنها تبحث عن شيء حتى
بركت، ثم نهضت وهي تلتفت، تم عادت وبركت في مكانها الأول عندئذ
نزل عنها الرسول - صلى الله عليه وسلم - وكان الموضع الذي بركت فيه هو مكان المسجد
النبوي الشريف (2).
__________
(1) مختصر السيرة ص: 174.
(2) ابن هشام (م /495/ 1 - 496).
26

الصفحة 26