كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

عن أنس - رضي الله عنه - قال: (قدم عبد الرحمن بن عوف، فاخى
النبي - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري، فعرض عليه أن يناصفه
أهله وماله، فقال عبد الرحمن: بارك الله لك في أهلك ومالك، دلني على
السوق، فأربح شيئا من أقط وسمن، فراه النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أيام عليه وضر من
صفرة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - سهيم يا عبد الرحمن، قال: يا رسول الله: تزوجت
امرأة من الأنصار، قال: فما سقت فيها؟ فقال: وزن نواة من ذهب، فقال
النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أولم ولو بشاة " (1).
ولقد عقد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الأخوة بينهم في المسجد، ليزيدها
توكيدا، ولكي تاًخذ صبغة شرعية لا يجوز فصمها أو التهاون فيها، نقل ابن
حجر عن أبي سعيد، في شرح المصطفى (كان الإخاء بينهم في
المسجد) (2).
كما أعلن القرآن الكريم أخوة المؤمنين من غير استثناء، فقال - تعالى-
"انما المؤمنون اخوة " (3) وبهذا يعتبر القرآن الكريم العقيدة هي النسب
الحقيقي الذي يجب أن ينتمي اليه المؤمنون، وأن هذا النسب انما يرفع خسيسة
من ينتمي إليه حتى يصير به مساويا لأشراف القوم وسادتهم، ومن أجل هذا
كان يفتخر المسلمون بدينهم و (سلامهم، ويضعون أعراقهم وقبائلهم دبر
اذانهم، حتى يقول شاعرهم:
أبي الإسلام لا اب لي سواء إذا افتخروا بقيس أو تميم
وعن طريق الأخوة حلت مشكلة المهاجرين العاطلين الذين قدموا من
مكة الى المدينة ولا مال لهم يستثمرونه، ولا تجارة يديرونها في الأسواق،
ولا حرفة يزاولونها، كانت المؤاخاة وسيلة عملية لحل تلك المعضلة، حيث
شعر كل أنصارى نحو أخيه المهاجر بتبعة عظيمة، إذ كيف يعيش هانئا
ناعما، وأخوه يطوي أحشاءه من الجوع والمخمصة.
__________
(1) البخاري (2 7 0 / V ) .
(2) فتح الباري (7/ % rv) .
(3) الحجرات: 10.
35

الصفحة 30