كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

واتم، وأنه من خرح امن ومن قعد امن بالمدينة إلا من ظلم أو أثم، وأن الله
جار لمن بر واتقى ومحمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (1) -.
هذا هو النص الكامل لتلك الوثيقة الهامة التي حددت معالم الدولة
الإسلامية الناشئة، يقول الأستاذ الشريف: ولا نكاد نعرف من قبل دولة قامت
منذ أول أمرها على أساس دستور مكتوب غير هذه الدولة الإسلامية، فإنما
تقوم الدول أولا، تم يتطور أمرها إلى وضع دستور (2).
ويجدر بنا قبل مناقشة ما جاء في هذه المعاهدة أن نقف قليلا لنتأكد
من صحة نسبتها إلى الرسول -! بم - فنحن نلاحظ أن ابن هشام رواها عن
ابن إسحاق بدون إسناد على غير عادة ابن إسحاق، مخالفا بذلك نهجه الذي
سلكه من بداية الكتاب، وذلك مما يستدعي الشك حتى يحصل اليقين،
والذي أعتقده، أن الصحيفة بمعناها ; بتة النسبة إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - للأمور
الاتية:
أولا: لم ينكرها أحد من الحققين سواء كان من المؤرخين أو من
المحدثين.
ثانيا: أشار إليها بعض المؤرخين القدامى كالطبري حيث يقول: (وكان -
النبي - قد وادع حين قدم المدينة، يهودها على ألا يعينوا عليه
أحدا، وأنه إن دهمه بها عدو نصروه) (3) وهذا النص موجود في
المعاهدة. وابن سعد يقول: ونبذوا العهد والمرة (4). والواقدي
يقول: لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة وادع يهود كلها، وكتب
بينه وبينهم كتابا، وألحق كل قوم بحلفائهم، وجعل بينه وبينهم
أمانا وشرط عليهم شروطا (5).
__________
(1) ابن هشام (م/501/ 2 وما بعدها).
(2) مكة والمدينة ص: 387.
(3) الطبري (2/ 2 IV) .
(4 ) الطبقات (57، 29 / Y).
(5) المغازي (1/ 176).
36

الصفحة 36