كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

ثالثا: وذكرها ابن كثير دون أن يشير إلى أي ضعف فيها، وأورد من
الأحاديث ما فيه نص على بعض جملها، ومنها ما رواه الإمام
أحمد في مسنده عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أن
النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب كتابا بين المهاجرين والأنصار أن يعقلوا
معاقلهم، وأن يفدوا عانيهم بالمعروف والإصلاخ بين
المسلمين (1) وهذا نص موجود في المعاهدة أيضا. كذلك ذكرها
ابن سيد الناس في عيون الأثر دون أن يذكر شيئا يدل على
ضعفها (2).
وأما ابن خلدون فقد ذكرها إجمالا حيث يقول: ثم وادع
يهود، وكتب بينه وبينهم كتاب صلح وموادعة شرط فيه لهم
وعليهم (3).
رابعا: موافقة نصوص المعاهدة للمبادىء العامة في الإسلام، التي ذكرها
القيرآن الكريم، وكانت أساسا لبناء المجتمع الإسلامي، وذلك
كتعاون المسلمين وتكافلهم، وبر بعضهم لبعض، والحرص على
تماسك القباتل، وعدم تفتيت وحدتها، ووقوف المؤمنين في وجه
الظلم والعدوان، ولو كان الظالم أو المعتدي واحدا منهم، وعدم
تعاون المؤمنين مع الكافرين، والحرص على وحدة المسلمين
مهما اختلفت قباتلهم، وإن المسلمين سواسية أمام الله يسعى
بذمتهم أدناهم، فلا ينكر أحد جواره، ولا يرفض ذمته.
هذا القدر تناولته الفقرة الأولى من المعاهدة، ونحن نلاحظ
أنها أسس قوية لبناء أمة قوية متماسكة، وكل هذه التوجيهات
وردت في القرآن الكريم صراحة، تارة على أنها وصف للمؤمنين
وتارة لحثهم وتحريضهم على التخلق بها والتأدب بما جاء فيها.
__________
(1) البداية والنهاية (3/ Yyt) .
(2) ( % / AV %) .
(3) (189/ 2).
37

الصفحة 37