كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

من ميزات لم تعرفها الدول المتقدمة في العصر الذي عقدت فيه إلا أنه
انتقدها في موضعين، واعتبرهما ثغرتين في نصوصها حيث يقول: وهكذا
رسمت الصحيفة التخطيط العام للأمة وإذا كانت هناك بعض الثغرات متمثلة
في حق المجني عليه في الأخذ بالثأر أو العفو، وفي حق الإجارة الذي يجب
أن يكون من حقوق سيادة الأمة ورتيسها، إلا أن نظام الأمة أخذ يكتمل شيئا
فشيئاً (1).
والأستاذ الشريف يقصد النصين الآتيين:
الأول: وأنه من اعتمط مؤمنا قتلا عن بينة فإنه قود به، إلا أن يرضى ولي
المقتول.
الثاني: وأن الجار كالنفس غير مضار ولا اثم.
ونحن نلاحظ عند النظر الدقيق، وعند وضع الظروف التي عقدت فيها
المعاهدة في الاعتبار أن النصين لا يعتبران تغرتين في المعاهدة كما اعتبرهما
الأستاذ الشريف كما يأتي:
اما الأول: فإن الإسلام وضع قاعدة للعقوبات بناها على المثلية " وإن
عاقبتم فعاقبو بمثل ما عوقبتم به " (2) " وجزاء سيئة سيئة ظلها " (3) " وكتبنا
عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن
والسن بالسن والجروج قصاص " (4) ذلك هو الأصل في العقوبات فمن أخذ
به فهو حقه، لا يضار ولا يظلم ولكن الإسلام دعا إلى رتبة أعلى من تلك
الرتبة وحث عليها ورغب فيها، تلك هي رتبة الصبر والعفو " ولئن صبرتم
لهو خير للصابرين " فمن عفا وأصلح فأجره على الله " فمن تصدق به
فهو كفارة له ".
ومن الواضح أن هذه الجمل الأخيرة إنما وردت تكملة للآيات السابقة
__________
(1) مكة والمدينة ص: 8 rA 9 - rA .
(2) النحل: 126.
(3) الشورى: 45.
(! ا) المائدة: 45.
41

الصفحة 41