كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

أقام رسول الله - جم! يم - بالمدينة اتني عشر شهرا ينظم شؤونها الداخلية
فبنى مسجده - واحى بين المهاجرين والأنصار، ووادع اليهود وكتب بينهم
وبينه كتاب صلح وموادعة شرط فيه لهم وعليهم (').
وبعد مضي هذه المدة - أي في صفر من السنة الثانية - خرج غازيا
حتى بلغ ودان - وهي قرية عظيمة من قرى نواحي الفرع وكان يقصد قريشا
وبني ضمرة، فلم يلق قريشا ووادع بني ضمرة، وبدأ -! يخفه - يرسل السرايا
فأرسل عبيدة بن الحارث في كتيبة من المهاجرين ليس فيها من الأنصار
أحد، فسار حتى بلغ ثنية المرة، فالتقى بجمع عظيم من قريش ولم يكن
بينهما قتال غير أن سعد بن أبي وقاص رمى بسهم فكان أول سهم رمي به في
الإسلام.
تم تتابعت السرايا والغزوات وفي غزوة العشيرة وادع بني مدلع
وحلفاءهم من بني ضمرة والذي يمعن النظر في غزواته - صلى الله عليه وسلم - وسراياه يرى
أنها لا تخلو من أهداف تتلخص فيما يأتى:
أ - أنها كانت تزرع الخوف وتبث الرعب في قلوب المشركين من أهل
مكة، حتى لا يجرووا على الدخول معه في معركة لم يتهيأ لها بعد،
كذلك كان الأمر بالنسبة للقبايل الموالية لمشركي مكة حتى لا يطمعوا
في الدولة الناشئة.
ب - إشعار القبائل المحيطة بالمدينة بقوة المسلمين، فيهادنونهم، فينفتح
مجال العمل ويتحرك الدعاة لنشر الدعوة، ويصبح هؤلاء البدو سوقا
للمدينة يبيعون لها ويشترون منها.
جـ- تأمين الطريق أمام القوات الإسلامية، فلا يقف أحد في طريقها، ويكون
لها حرية الحركة إلى أي جهة تشاء وقد تم ذلك حتى بلغت إحدى
سرايا المسلمين (نخلة) على بعد ليلتين من مكة، ودارت بين
المسلمين والمشركين معركة قتل فيها أحد المشركين وأسر اثنان منهم،
__________
(1) ابن خلدون (189/ 2).
45

الصفحة 45