كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

وغنم المسلمون ما كان معهم من التجارة والبضائع.
د - تأمين حدود الدولة التي أعلنتها المعاهدة فلا يجرو أحد على مباغتتها
أو التعدي عليها.
ونلاحظ في هذه الغزوات والسرايا شيئين هامين:
أولهما: أنها لم تدخل في معارك مع قريش أو مع غيرها من القبائل
التي مرت بها باستثناء سرية عبد الله بن جحش وذلك يؤكد أن هذه الغزوات
وتلك السرايا كانت لإرهاب الأعداء وتخويفهم.
وثانيهما: أنها لم يخرج فيها أحد من الأنصار، حتى تعلم قريش أن
الرسول - صلى الله عليه وسلم - سيؤدبهم بأيدي هؤلاء الذين استضعفوهم في مكة وساموهم
سوء العذاب، فيكون ذلك أشد تأتير على نفوسهم.
ولقد عقد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحلافا مع بني ضمرة ووادعه منهم مغش
ابن عمر والضمرى، وكان سيد بني ضمرة في زمانه (1) كما وادع بني مدلج
وحلفاءهم من بني ضمرة (2).
وبهذه السرايا وتلك المحالفات أمن الرسول - صلى الله عليه وسلم - حدود الدولة،
ودخلت القبائل المحيطة بالمدينة في الإسلام وقد عد منهم المؤرخون قبائل:
أسلم وسليم، وجهينة ومزينة وأشجع وغفار (3).
وأراد الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يدعم الدولة الناشئة، ويقوي جبهتها حتى
تستطيع مقاومة من يحاول الاعتداء عليها، فامر كل مسلم بالهجرة إلى
المدينة، ولم يسمح إلا لذوي الأعذار والضعفاء، قال - صلى الله عليه وسلم -: "أنا برىء من
كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين، قيل، يا رسول الله، ولم، قال: لا
تراءى ناراهما" (4).
__________
(1) ابن هشام (م /591/ 1).
(2) نفسه: 599.
(3) ابن هشام (م /529/ 2)، مسلم شرح النووي (74/ 15).
(4) رواه أبو داود والترمذي.
46

الصفحة 46