كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

ست سنوات تقريبا لم يقم الرسول - صلى الله عليه وسلم - خلالها بجهود خارح حدود الدولة-
المدينة - ولكنه كان يقوم بمهام أخرى داخل المدينة كتعليم الصحابة، وإقامة
الحدود، وتعبئة الأمة لتكون مستعدة لمواجهة العدو الخارجي المتربص بها،
إلى غير ذلك من الأمور التي هي من أوجب واجبات القيادة في الإسلام.
ولم تنته سنة ست، حتى عقد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معاهدة الحديبية بينه
وبين أهل مكة، ويعتبر ذلك أول عمل سياسي قام به الرسول خارح حدود
المدينة وتوالت بعد ذلك الأعمال السياسية والحملات العسكرية.
ففي المحرم سنة سبع من الهجرة كتب كتبا إلى ملوك الأرض، وأرسل
إليهم رسله يدعوهم إلى الإسلام، ويحذرهم مغبة العصيان، فأرسل إلى
النجاشي وإلى كسرى وقيصر، وإلى المقوقس والحارث بن أبي شمر الغساني
وإلى أبي هوذة بن علي حاكم اليمامة، أرسل إلى هؤلاء الستة في يوم
واحد (1).
وفي نفس الشهر والسنة غزا خيبر، وفتحها، وصالح أهلها على أن
تحقن دماؤهم وتكون الأموال للمسلمين، كذلك صالح أهل فدك على مثل ما
صالح عليه أهل خيبر، ثم انصرف إلى وادي القرى، وفتحها عنوة، وقسم ما
غنم منها على أصحابه، فلما علم يهود تيماء بذلك طلبوا من الرسول أن
يصالحهم على مثل ذلك - أي يترك لهم الأرض يعملون فيها مقابل نصف ما
يخرح منها- فقبل منهم وصالحهم على ذلك (2).
وفي جمادي الأولى سنة ثمان أرسل - صلى الله عليه وسلم - جيشا إلى بلاد الشام،
وفي رمضان من نفس السنة فتح مكة، وفي شوال منها قاتل هوازن وثقيف،
وذهب إلى الطائف فحاصر أهلها ثم انصرف عنها إلى الجعرانة (3).
وقبل منصرفه من الجعرانة أرسل العلاء بن الحضرمي إلى المنذر ابن
__________
(1) زاد المعاد (2/ 1 6 - 62).
(2) مخصر السيرة ص: A ا r .
(r) ابن هشام (7/ 4، 36، 60، 60).
48

الصفحة 48