كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

التنظيم الداخلي
اهتم الإسلام بالوضع الداخلي في المدينة لأنه يريد أن
يقيم فيها دولة تواجه الأوضاع الفاسدة التي عمت الجزيرة العربية بدون
استثناء، دخل الإسلام إلى المدينة، وقد استحوذت عليها النظم الطبقية،
ومزقتها العصبية القبلية وأكلت زعماءها الحروب الطاحنة وأفسدت أخلاق
الناس اليهودية الحاقد، فلم يكن فيها مجتمع بالمعنى المعروف وكان على
الإسلام أن يحمل هذا العبء، فيقضي على عوامل الفساد، وينهض بأهل
البلاد، ويضع الأسس السليمة لمجتمع سيضطلع بأعظم رسالة عرفتها الدنيا،
وكان عليه أن يعد الناس فيها لحمل تلك الرسالة الاعداد الذي يتناسب مع عظمتها.
إن الرسالة التي سيحملها المجتمع في المدينة ليست رسالة محلية
لأهل الجزيرة ولكنها رسالة عالمية جاءت للناس أجمعين، وهي رسالة شاملة
تنظم حياة الناس من جوانبها المختلفة دون أن تهمل شيئا منها، لهذا كان لا
بد من تنظيم مجتمع المدينة داخليا ليحمل هذه الرسالة، وكان لا بد من
النهوض به ليستطيع تبليغها، كما كان لا بد من وضع أسس العلاقات الحسنة
بين سكانها ليكونوا نموذجا عمليا لها، وقد قام الإسلام بذلك كله. وكان
التنظيم الداخلي في المدتنة يعتمد على أسس ثلاثة:
1 - النهضة الاجتماعية.
2 - النهضة العلمية.
3 - تحسين العلاقات بين السكان.
53

الصفحة 53