كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

عمه - حمزة بن عبد المطلب - وبين مولاه زيد بن حارثة، وبين بلال بن رياح
مولى أبي بكر الصديق وبين عبدالله بن عبدالرحمن الخثعمي، وبين
حاطب بن أبي بلتعة الحليف وعويم بن ساعدة الصريح وبين عمار بن ياسر
حليف بني مخزوم وبين حذيفة بن اليمان حليف بني عبد الأشهل (1).
نلاحظ أكثر من ذلك أن الإسلام قد راعى الظروف التي يعيش فيها
هؤلاء الأرقاء، فلم يعاملهم معاملة الأحرار عند إقامة الحدود بل خفف
عنهم، وجعلهم على النصف من الحر، قال - تعالى -: " فإذا أحصن فإن
أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب " (2) يقول
الطبري: (فعليهن نصف ما على الحرائر من الحد، إذا هن زنين قبل
الإحصان بالأزواح) ثم يقول: (فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما
على المحصنات من العذاب) خمسون جلدة، ولا نفي ولا رجم (3).
ويقول الشوكاني: (وإنما نقمن حد الإماء عن حد الحرائر لأنهن
أضعف، وقيل لأنهن لا يصلن إلى مرادهن كما تصل الحرائر، ثم يقول: (ولم
يذكر الله - سبحانه - في هذه الآية العبيد، وهم لاحقون بالإماء بطريق
القياس، وكما يكون على الإماء والعبيد نصف الحد في الزنا كذلك يكون
عليهم نصف الحد في القذف والشرب) (4).
ومن هذا نعلم أنه في الوقت الذي ترجم فيه الحرة حتى تموت يخفف
عن الأمة فتجلد خمسين جلدة فقط، وفي الوقت الذي يجلد فيه الحر تمانين
جلدة يجلد فيه العبد أربعين فقط.
ولو أننا قسنا الوضع الذي كانت تعيشه تلك الطبقة قبل دخول الإسلام
لوجدنا الفرق هائلا والبون شاسعا، ولعرفنا كيف قضى الإسلام على هذه
الطبقية البغيضة، وأحل محلها أخوة كريمة.
__________
(1) ابن هشام (9/ 3. 1 - 110).
(2) النساء: 25.
(3) التفسير (8/ 254، 204).
(4) فتح القدير (452/ 1).
56

الصفحة 56