كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

يسمح لهم باكتنازها وإمساكها، بل أمرهم بإعطاء حق الفقراء منها، واعتبرهم
سواء في المال الذى بأيدي الأغنياء.
قال - تعالى -: "والله فضل بعضكم على بعض في الرزق، فما
الذين فضلوا برادي رزقهم على ما ملكت إيمانهم فهم فيه سواء " (1).
واعتبر- سبحانه - عدم إشراك الأغنياء إخوانهم الفقراء في المال الذي
بأيديهم جحودا للنعمة وكفرا لها بدلا من شكرها "أفبنعمة الله
يجحدون " (2)؟
وبهذه التوجيهات قضى الإسلام على الحقد الطبقي، وأزال أسباب
الشحناء في المجتمع، وجعل الناس فيه سواسية كأسنان المشط.
ب - الإسلام والثأر:
كان الأخذ بالثأر في المجتمع الجاهلي شريعة لا يحيد عنها أحد،
حتى كانوا يورتونه أبناءهم (3) وكانت لهم عادات يلتزمونها حتى يؤخذ الثأر
كما ذكرت ذلك قبل، فلما جاء الإسلام، وجد تلك المشكلة من أعوص
المشكلات -التي يجب الإسراع في معالجتها، فإنها إن دلت على شيء إنما
تدل على فوضى في الأخلاق، واستهتار بالأرواح، وعدم التزام الناس بنظم
الدولة التي ينتمون إليها، لذلك وقف الإسلام من هذه العادة موقفا حازما،
وعالجها بشكل يؤدي إلى القضاء عليها، ومحو أثرها من المجتمع
الإسلامي.
واتخذ في علاج المشكلة الخطوات التالية:
اولا: دينونة الناس لله - عز وجل - في التشريع، وكانوا من قبل لا يدينون
إلا للعرف الذي نشأوا عليه، فطوعهم الإسلام للتشريع الجديد،
وجعل ذلك شيئا مرتبطا بالعقيدة، بحيث لا تسلم عقيدة المرء ما
(1) النحل:71.
(2) نفس الآية.
(3) العقد الفريد (22/ 6).
58

الصفحة 58