كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

فيما يشق عليهم (1) وفي نفس الوقت نهى المسلم أن يقول ما يشعرهم بالرق
والعبودية فلا يقول عبدي أمتي، وعلمه أن يقول ذلك بلفظ مهذب، يرفع من
شأنهم في المجتمع الذي يعيشون فيه ويحافظ على مشاعرهم وأحاسيسهم،
وليقل: فتاي وفتاتي (2).
كذلك أمر الله - عز وجل - بالإحسان إليهم، وعدهم مع الوالدين
وذوي القربى: وأصحاب الحقوق " وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى
والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل
وم ا ملكت أيمانكم " (3).
هذا الأمر وتلك المعاملة تكون ممن أبقى مملوكا تحت يده، ولكن
الإسلام حث على تحريرهم ومساعدتهم على الحصول على حريتهم، قال
الله - تعالى -: " والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم، فكاتبوهم إن
علمتم فيهم خيرا، واتوهم من مال الله الذى اتاكم! هو (4).
تم فتح لهم أبواب التحرر، وهيأ لهم أسبابه، فمن يقتل مؤمنا خطأ
فتحرير رقبة مؤمنة، وإن كان المقتول من أعدائنا ولكنه مؤمن فتحرير رقبة
مؤمنة، وإن كان كافرا ولكن بيننا وبين قومه عهد وميثاق فتحرير رقبة
مؤمنة (5).
وفي هذه الايات تلميح واضح إلى أن العتق موت والتحرير حياة، فمن
قتل نفسا فعليه أن يحصي مكانها نفسا أخرى وذلك بتحرير رقبة، وفي تحريرها
إحياء لها، وإخراح من موت العبودية وفناء الرق.
وليس هذا فقط، بل من حنث في يمين فمن كفارته تحرير رقبة
مؤمنة (6)، ومن حرم زوجته على نفسه وجعلها كأمه لا تحل له حتى يحرر
__________
(1) البخاري شرح بن حجر (173/ 5 - 174).
(2) نفسه: 177.
(3) النساء: 36.
(4) النور: 23.
(5) النساء: 92.
(6) المائدة: 9 8

63

الصفحة 63