كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

رقبة مؤمنة (1) وهكذا نلاحظ أن الإسلام قد أبقى بابا واحدا للرق، ولم يبقه
إلا مضطرا، وفتح أبوابا كثيرة للتحرر.
وقد بلغ حرص الإسلام على تحرير العبيد أن أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
باًن من يعتق عبدا مؤمنا يعتقه الله من النار، عن أبي هريرة - رضي الله عنه-
قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل
عضو منه عضوا من النار، حتى يعتق فرجه بفرجه" (2).
وما كاد المسلمون يسمعون ذلك حتى أسرعوا في فك الرقاب، وكانوا
يتنافسون في تحريرها، قال أبو هريرة - رضي الله عنه - قال النبي غ! ي!: "أي
رجل أعتق أمرءا مسلما استنقذ الله بكل عضو منه عضوا منه من النار" قال
سعيد بن مرجانة: فانطلقت به إلى علي بن الحسين، فعمد علي ابن
الحسين - رضي الله عنهما - إلى عبد له. قد أعطاه به عبد الله بن جعفر عشرة
الاف درهم - أو ألف دينار - فاعتقه) (3).
ونحن تلاحظ هنا أن علي بن الحسين قد فضل ثواب العتق على ألف
دينار كان سيأخدها قيمة لعبده، فثواب الله والعتق من النار أفضل من عشرة
الاف درهم بل أعظم من مائة ألف درهم، وهكذا كان الصحابة - رضوان الله
عليهم - يشترون العبيد ليحرروهم ابتغاء مرضاة الله وطمعا في العتق من النار،
عن أبي هريرة - رضي الله عنه قال: أرادت عاتشة أن تشتري جارية تعتقها،
فأبى أهلها ألا أن يكون لهم الولاء فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "لا
يمنعك ذلك فإنما الولاء لمن أعتق " (4).
وأما عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - فكان يعتق كل من يستحسنه
من عبيده وإمائه، روى ابن حجر أنه كان له جارية يحبها اسمها رمثة فأعتقها،
__________
(1) المجادلة: 3.
(2) مسلم (4/ 2 1 2).
(3) البخاري شرح ابن حجر (146/ 5).
(4) مسلم (148/ 10).
64

الصفحة 64