كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

والعلم النافع والمعرفة التي تنبنى عليها الحياة اللائقة بالإنسان ومنزلته في
الوجود.
لهذا كان الإسلام حريصا على أن ينهض بأمته نهضة علمية تتناسب مع
الرسالة التي جاء بها للناس أجمعين ورغبهم في طلبه حتى لا يتقاعسوا عنه،
فجعل طلبه عبادة، ومذاكرته تسبيحا، والبحث عنه جهادا، وتعليمه صدقة،
وبذله قربة (1).
ولم يحث على طلبه فقط، بل جعل تعلمه فريضة، قال - مج! بيه - "طلب
العلم فريضة على كل مسلم " (2) واتخذ الوسائل العملية لرفع مستوى
المسلمين فجعل فداء أسرى بدر ممن يعرف منهم القراءة أن يعلم عشرة من
صبيان المسلمين (3).
كذلك أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن سعيد بن العاص أن يعلم الناس
الكتابة بالمدينة، وكان كاتبا محسنا (4) وعن أبي داود عن عبادة بن الصامت
قال: علمت ناسا من أهل الصفة الكتاب والقرآن (5).
وبذلك انتشرت الكتابة بين المسلمين حتى بلغ عدد كتابه - صلى الله عليه وسلم -
اتنين وأربعين رجلا (6)
وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جلس في المسجد، ويعلم أصحابه كل ما
يحتاجون إليه، حتى كان يعبر لهم الرويا، ويعلمهم الأدب ويحثهم على
النظافة ويطلب منهم أن يتخلقوا بالأخلاق الفاضلة، وجاء القرآن الكريم
بتشريعات تنظم الحياة العامة والخاصة فنظم المعاملات، ووضع لها قواعد لا
تصلح الحياة الاقتصادية بدونها، وقد اشتملت سورة البقرة على كثير من هذه
__________
(1) الترغيب والترهيب (1/ 42).
(2) نفسه: 42.
(3) الروض الأنف (245/ 5).
(4) الاستيعاب (2/ 369).
(5) أبو داود (2/ 4 9 - 95).
(6) التراتيب الإدارية (1/ 49).
68

الصفحة 68