التشريعات الاقتصادية واشتمل على سورة كاملة تعرف بسورة النساء نظم فيها
حياة الأسرة، وتناول الوضع الاجتماعي بتفصيلات دقيقة، وفي سورة الأنفال
وضع أسس الحركات العسكرية من حرب وسلم ومعاهدات وأحكام الأسرى
إلى غير ذلك من التنظيم العسكري، وأما سورة النور والحجرات فقد جمعت
أدابا أخلاقية جمة، كما اشتمل القرآن الكرتم على قصص الأنبياء مع أقوامهم
وهي تبين احوال الأمم السابقة، وما كانت عليه من علم أو تخلف.
وقد كان لهذه التشريعات وغيرها أثر كبير في حياة المسلمين، لأنهم
درسوها، وتفقهوا فيها، وتادبوا بها، فوسعت مداركهم العلمية، ويوضح
الأستاذ أحمد أمين أتر الإسلايم في الحركة العلمية فيقول: (إنه نشر بين
العرب كثير من التعاليم التي أبناها فرفعت مستواهم العقلي، كما نشر بينهم
كثيرا من أحوال الأمم الأخرى وتاريخها بإطناب أحيانا، وبإيجاز أحيانا حسبما
يدعوا إليه موقف العظة، فقص علينا قصته آدم ونوح وإبراهيم ويوسف
وموسى ويونس، وداود وسليمان وغيرهم - عليهم السلام - وشيئا من أخبار
أممهم، في أسلوب جذاب هيج النفوس إلى الاستزادة، وتعرف ما عند الأمم
الأخرى - كاليهود والنصارى - فكان في ذلك نوع من الثقافة، أفاد المسلمين
ووسع مداركهم.
ثم شرح أحكاما في الزواج والطلاق والشؤون المدنية والجنائية كانت
قانونا نظم أمور المسلمين في معيشتهم الاجتماعية والاقتصادية واتخذه
الفقهاء والمشرعون وجعلهم يستنبطون منه الأحكام، ويستهدونه فيما يعرض من
حوادث جديدة خلقتها مدينتهم فكان ذلك أساسا لحركة تشريعية واسعة) (1).
وهكذا نهض الإسلام بهذا المجتمع الأمي تلك النهضة العلمية
والواسعة التي سنفصلها في الباب الثالث إن شاء الله - تعالى -.
ثالثا: العلاقات بين السكان:
كان المجتمع في المدينة بعد الهجرة يتكون من طوائف ثلاث، اثنتان
__________
(1) فجر الاسلام ص: 143.
69