نفسه، وعلى القبيلة، حمايته، والأخذ بثأره، بل كانت تقيد من قاتله ولو كان
من صرحاء أبنائها.
كان ذلك هو حال الحلف والجوار في الجاهلية، فلما جاء الإسلام لم
يقبل الوضع على علاته، بل نظمه وحدد له معالم يج! الوقوف عندها،
واتبع في ذلك الخطوات الآتية:
1 - منع عقد محالفات جدتدة لأن أخوة الإسلام أغنت عن الأحلاف، وإقرار
الأحلاف القديمة على ما هي عليه إذا كانت أحلافا على الخير والبر
كحلف المطيبين، روى الطبرى عن ابن عباس - رضي الله عنهما- قال:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا حلف في الإسلام، وكل حلف كان في الجاهلية
لم يزده الإسلام إلا شدة، وما يسرني أن لى حمر النعم وأني نقضت
الحلف الذي كان في دار الندوة (1).
2 - لا يجوز لأحد من المؤمنين أن يغير مولاه، فيحالف مولى دون مولاه
السابق، لأن في ذلك إهانة للحليف الأول وتقديرا للحليف الجديد مما
يسبب إيغار صدور المؤمنين، وإثارة الأحقاد بينهم، وقد كان ذلك مباحا
في الجاهلية.
3 - إذا ارتكب الحليف جريمة لا يؤاخذ بها حليفه، ولا يتحمل شيئا من
جريمته، لأن القاعدة في الإسلام (تزر وازرة وزر أخرى) (2).
4 - لا يجب على الحليف مناصرة حليفه إلا إذا كان مظلوما، أما إذا كان
ظالما فعليه أن يرده عن ظلمه، ولا يناصره عليه هذا بالنسبة للحلف
والحليف بالنسبة للجار فقد احترم الإسلام الجوار، واعتبر الجار
كالنفس، ولكنه مع ذلك لم يطلق الوضع بل حدده بأمور:
أ - لا يكون الجار كالنفس إلا إذا احترم الجار نظام الدولة، فلا يضر
أحدا ولا يرتكب اثما، فإذا فعل ذلك فليس له حق الجوار، وكان
__________
(1) تفسير الطبرى (8/ 182).
(2) النجم: 38.
73