كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

السياسة الداخلية
إعلان قيام دولة الإسلام:
بدأت الحكومة الإسلامية عهدها الجديد في المدينة بإعلان قيام دولة
الإسلام، وكان ذلك في نصوص المعاهدة التي أبرمت بين اليهود
والمسلمين، حيث جاء فيها، هذا كتاب من محمد النبي - صلى الله عليه وسلم - بين المؤمنين
والمسلمين من قريش ويثرب، ومن تبعهم فلحق بهم، وجاهد معهم، أنهم
أمة واحدة من دون الناس.
وهذا هو أول نص في المعاهدة، صرح فيه بأن المسلمين أمة واحدة،
وأن من عداهم أمة أخرى، حيث لا يوجد في نظر الإسلام إلا إيمان أو كفر،
وليس هناك حالة تالثة يحتمل وجودها في عرف الأمم.
وكان معنى قيام الدولة الإسلامية في هذه الفترة التي اضطهد فيها
المسلمون، وخرج فيها رسول الله هاربا من مكة، وسجن كثير من المسلمين
فيها وفتنوا من دينهم، وكانت فيها شوكة الكفر قوتة، وسلطانه عاليا، كان
إعلان قيام الدولة في تلك الفترة بالذات أعظم تحد من دولة ناشئة، لأمة
عاتية متجبرة، بل لم يكن ذلك تحديا لمكة فحسب، وإنما كان تحديا للعالم
أجمع، فلم يكن هناك من يؤيد الدين الذي بعث به رسول الله - وغ! م-
وبالتالي لم يكن هناك من يؤيد الدولة التي قامت على أساسه.
كان إعلان قيام الدولة الإسلاهجة في هذه الظروف عملا سياسيا جريئا
اعتمد على قوة إيمان المؤمنين بالدين الإسلامي، وعلى صلابتهم في الحق،
77

الصفحة 77