وكسوتهم وتلك هي الضرورات التي يحتاج إليها الإنسان، وما
عدا ذلك يمكن أن يعتبره الإنسان من الكماليات التي لا يضطر
إليها وبهذا يمكن أن تعتبر المدينة، بلدا مستقلا غير مضطر لأن
يمد يده إلى غيره. كما أن الاستقرار الذي نعموا به بسبب
الزراعة، هيأهم لحمل عبء الدعوة لأنهم ليسوا مشغولين
بالضرب في الأرض للتجارة وكسب الرزق كما هو حال أهل مكة.
ثانيا: إن موقع المدينة الجغرافي يرشحها للزعامة، فهي تقع في الوسط
بين الدول الكبرى الثلاث التي كانت موجودة في ذلك العصر،
الفرس والروم من الشمال، والحبشة من الجنوب والمسافات بينها
وبين هذه الدولة بعيدة بحيث يصعب على أي منها غزوها أو
التسلط عليها، بعكس مكة فإنهاكانت قريبة جدا من الحبشة التي
حاول بعض قادتها الاعتداء عليها ومهاجمتها عن طريق اليمن،
وبهذا تكون المدينة من الناحية السياسية أكثر ملاءمة من غيرها
لتكون عاصمة للدولة الجديدة.
ثالثا: إن موقع المدينة السابق هيأ للدعوة الاسلامية فرصتين كان من
الصعب حصولهما في غير المدينة، حيث تمكن المسلمون في
المدينة أن يضايقوا أهل مكة، وأن يقطعوا عليهم طريق تحارتهم
إلى الشام، وهذه مساًلة ضرورية لأهل مكة لأنهم كانوا يعيشون
على التجارة، وليس لهم مصدر رزق سواها فإذا انقطع عليهم
طريق تجارتهم كان ذلك حصارأ اقتصاديا تتضرر به مكة ومن
يعيش فيها ضررا بليغا، ويكون في ذلك كسرا لغطرستهم واخضاعا
لهم لمهادنة المسلمين في المدينة، وقد حصل ذلك في صلح
الحديبية.
كذلك تمكن المسلمون من الاتصال بالدول الأخرى
لتبليغها الدعوة ومطالبتها، بالدخول في الإسلام عن طريق إرسال
الرسل والدعاة.
80