حقد بني قينقاع:
يعتبر بنو قينقاع أول من غدر وبغى وحسد من اليهود، وذلك أنه بعد
انتصار المسلمين في غزوة بدر شرقوا بالنصر وكان أملهم أن يهزم المسلمون
فتقر أعينهم، وتطيب نفوسهم فلما كان الأمر على عكس مرادهم تمردوا
وبغوا، فذهب إليهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - وجمعهم بسوق نجي قينقاع، ثم قال: يا
معشر يهود، احذروا من الله مثل ما نزل بقريش من النقمة، وأسلموا، فإنكم
قد عرفتم أني نبي مرسل، تجدون ذلك، في كتابكم وعهد الله إليكم، قالوا:
يا محمد، إنك ترى أنا قومك؟ لا يغرنك أنك لقيت قوما لا علم لهم
بالحرب، فأصبت منهم فرصة، أنا والله لئن حاربناك، لتعلمن أنا نحن
الناس (1).
ثم إنهم آذوا امرأة مسلمة كانت تشتري من صاتغ منهم، وعمدوا إلى
حيلة خبيثة كشفوا بها عورة المرأة، وضحكوا منها، فصاحت، فوثب رجل
مسلم فقتل الصائغ، واجتمع اليهود على المسلم فقتلوه، فغضب المسلمون
ووقع الشر بينهم.
فحاصرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمس عشرة ليلة، نزلوا بعدها على حكم
رسول الله، فأمر بهم فكتفوا، ولكن عبد الله بن أبي كلم رسول الله فيهم وألح
عليه، فوهبهم له، وأمر أن يخرجوا من المدينة، ولا يجاوروه فيها، فخرجوا
إلى أذرعات من أرض الشام، وكانوا أشجع يهود المدينة، وكان عدد
المقاتلين منهم نحو ستماتة مقاتل (2).
غدر بني النضير:
كانت هذه المؤامرة في بداية السنة الثالثة من الهجرة كما رواها
البخاري عن الزهري عن عروة قال: كانت "على رأس ستة أشهر من وقعة
بدر، قبل وقعة أحد (3).
__________
(1) ابن هشام (5/ 3).
(2) زاد المعاد (185/ 2).
(3) البخاري شرح ابن حجر (329/ 7).
83