كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

على هذا البيت، فيلقي عليه صخرة، فيريحنا منه؟ فانتدب لذلك عمرو ابن
جحاس بن كعب. فقال: أنا لذلك، فصعد ليلقي عليه صخرة كما قال. . .
فأتى رسول الله الخبر من السماء بما أراد القوم، فقام وخرج راجعا إلى
المدينة. . ثم أمر رسول الله بالتهيؤ لحربهم والسير إليهم.
وحاصرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتحصنوا منه، فأمر بقطع النخيل وإحراقه
فسألوا رسول الله أن يجليهم ويكف عن دمائهم على أن لهم ما حملت الإبل
من أموالهم إلا الحلقة - السلاح - ففعل، فانصرفوا إلى خيبر فنزلوها، ودان
لهم أهلها (1).
وهذا الذي ذىناه لم يختلف فيه أحد من المؤرخين، وإننا لنرى فيه
غدرا واضحا، وخيانة مقيتة، ذلك لأنهم قد حاولوا قتل الرجل الذي أمنهم
على أموالهم، وأقرهم على دينهم، وأى غدر أفحش من أن تغدر بمن
حماك؛ وأي خيانة أقبح من أن تخون من أمنك؟؟
خيانة بني قريظة:
وأما غدرة بني قريظة فكانت في السنة الخامسة، وكان بينهم وبين
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عهد فنقضوه، وحاربوا فمن الرسول عليهم، وتركهم في
المدينة (2).
ولكنهم لم يكونوا أهلا لهذه المعاملة الطيبة، ولم يحترموا عهد
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معهم، ولعلهم قد أغراهم من الرسول عليهم فظنوه ضعفا،
فلما كانت غزوة الأحزاب ظاهروهم، وأنضموا إليهم، ونقضوا العهد،
ورفضوا الأمان الذي أعطاهم الرسول، وجاهروه بالعداء، وسبوه وبلغ الخبر
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأرسل تستعلم الأمر، فوجدهم قد نقضوا العهد كما بلغه،
فكبر، وقال: أبشروا يا معشر المسلمين (3).
__________
(1) ابن هشام (108/ 3).
(2) البخاري شرح ابن حجر (329/ 7).
(3) زاد المعاد (187/ 2).
85

الصفحة 85