كتاب المدينة المنورة عاصمة الإسلام الأولى

يجعلوا لهم تمر خيبر، وتزعم أهل خيبر المؤامرة، ودعوا إليها بقية اليهود.
وعلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن اليهود يتجمعون لحربه، فأرسل علي ابن
ابي طالب يستطلع الخبر، فقبض على جاسوس من أهل فدك فأحضره إلى
الرسول، واعترف الرجل بأنه رسول إلى أهل خيبر ليعرض عليهم معونة فدك
ونصرتها في حرب المسلمين (1).
وأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالاستعداد لحرب خيبر ليقضي على هذا التجمع
اليهودي، ولينهي المشكلة قبل أن تستفحل، ويستشري شرها ويتعرض
المسلمون بسببها لخطر فادح، هم في حاجة إلى تجنبه.
وليست محاولة اليهود التجمع لحرب المسلمين شيئا جديدا، بل هو
عادة لهم مارسوها من قبل، وقد سبق لهم القيام بذلك في غزوة الأحزاب،
وتزعم الحركة يحيى بن اخطب، الذي ظل يغري بني قريظة بالانضمام إلى
الأحزاب حتى أقنعهم، ونقضوا العهد كما أسلفنا.
فليس غريبا إذا أن يتجمع يهود بعد ما أصابهم محاولين بذلك إنزال
هزيمة بالمسلمين، يجدون فيها شفاء لصدورهم، وعزاء لقلوبهم.
فلماذا ينكر (مر جليوث) هذا التجمع اليهودي في خيبر، ويتناساه؟ تم
يحمل على المسلمين حملة شعواء، ويزعم أن المسلمين اعتدوا عليها من
غير جريرة تستوجب فتحها، ودخلوا معها في معركة لا مبرر لها إلا أنهم
يريدون من وراتها الحصول على ما فيها من خيرات ومغانم.
والحق أن (مرجليوث) يتجاهل الأسباب والدوافع التي دعت المسلمين
الى حرب خيبر وهو يعلمها تماما، ولكنه لا يريد الاعتراف بها، ليتوصل
بذلك إلى أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - منذ أيامه الأولى فى المدينة عندما أعلن مساواة
اليهود بالمسلمين في المعاملة، وأن يترك الوثنيين لا يتعرض لهم بسوء،
طالما كانوا بعيدين عن إظهار عداتهم للمسلمين، أما الان فإن مجرد القول
__________
(1) مغازي الواقدي (634/ 2).
87

الصفحة 87