بأن جماعة ما، مشركة أو يهودية أو غير مسلمة، يعتبر كافيا لشن الغارة عليها،
وهذا يفسر لنا تلك الشهوة التي سيطرت على نفس محمد، والتي دفعته إلى
شن غارات متتابعة.
ولم يقف (مرجليوث) عند هذا الحد، بل جعل ذلك وسيلة للوصول
إلى تشويه الواقع الإسلامي، وإرهاب العالم وتأليبه ضد المسلمين حيث
يقول: (إن استيلاء محمد على خيبر يبين لنا إلى أي حد أصبح الإسلام
خطرا يهدد العالم) (1).
ولا شك أن الوقائع التاريخية تدحض هذه الافتراءات، وترد على
(مرجليوث) مزاعمه، حيث روت كتب التاريخ الموثوق بها قصة هذا التجمع
اليهودي، وذكرت ما عزموا عليه من شن الغارة على المدينة (2).
وهذا يدل دلالة واضحة على أن حرب المسلمين لخيبر كانت نتيجة
لهذا التجمع، وردعا لليهود حتى لا يعودوا لمثل ذلك، فما كانت شهوة
في نفس الرسول - حاشاه - ولا كانت للاستيلاء على الخيرات والمغانم، كما
يزعم (مرجليوث).
مؤامرة في خيبر:
وبعد أن فتحت خيبر، وصالح الرسول أهلها على أن يعملوا في
الأرض ولهم نصف ما يخرج منها، حاولوا مرة أخرى التخلص منه - صلى الله عليه وسلم -
فأرسلت إليه زينب بنت الحارث زوجة سلام بن مشكم شاة مسمومة، وأكثرت
السم في الجزء الذي يحبه الرسول من الشاة حتى تقضي عليه، ولكنه - صلى الله عليه وسلم -
فطن للمؤامرة وكف عن الأكل، ودعا المرأة فاعترفت، وبررت فعلها بقولها:
إن كنت ملكا تخلصنا منك، وإن كنت نبيا لا يضرك (3) فعفا عنها، ولم يأخذ
أحدا بجريرتها.
__________
(1) تاريخ الاسلام (1/ 135).
(2) الواقدي.
(3) ابن هشام (218/ 3).
88