اليهود أن يشاركوا معه في غزوة أحد، بل الثابت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه لما انعزل
عبد الله بن أبي بثلث الناس، قال له قوم من الأنصار: نستعين بحلفائنا من
اليهود فأبى (1).
يقول ولفنسون: ولو سلمنا بصحة المؤامرة، فإنها لا تستوجب العقوبة
العامة، بحسب نصوص المعاهدة، لأنها نصت على أن كل فرد يتحمل تبعة
الجريمة التي يرتكبها دون مساس بالآخرين (إلا من ظلم وأثم، فإنه لا يوتغ
إلا نفسه وأهل بيته) (2).
والحق أن ولفنسون يغالط في هذه الاعتراضات والمبررات مغالطة
واضحة، بينها الدكتور جاد رمضان في المحاضرة التي ألقاها في الموسم
الثقافي للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، حيث تقول: إن الجريمة لم تدبر
من أفراد عاديين، ولكن مدبريها هم رووس بني النضير وزعماوها الذين يعتبر
رأيهم تعبيرا عن رأي شعبهم كله، ومثلهم في ذلك كمثل الدولة التى تعلن
الحرب على دولة أخرى، فإن الذين يعلنون الحرب هم الزعماء، والشعب
يتحمل كل تبعات الحرب ونتاتجها، لأنه هو الذي يختار زعماءه، وهم
يعبرون عن إرادته ورأيه.
الإسلام والمنافقون:
لم تكن هذه الطائفة معروفة في مكة، لأن الكفر كان هو القوة المعترف
بها هناك، ولأن المسلمين كانوا ضعفاء مقهورين، فلم تكن أسباب النفاق
متوفرة في مجتمع مكة، ولم يكد الإسلام يطرق أبواب المدينة، ويستقر في
قلوب أهلها حتى وجدت تلك الطائفة، واحتضنها اليهود، حتى ترعرعت بين
أحضاتهم، وكان وجود تلك الطائفة في مجتمع المدينة لسببين هامين:
الأول: قوة المسلمين
فقد هاجر الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة بعد أن عمها الإيمان، ودخل
__________
(1) زاد المعاد (2/ 232).
(2) ابن هشام (1/ 107).
91