الإسلام ينشر الأمن والطمأنينة:
حسم الإسلام أمر هذه الطوائف التي كانت في المدينة يوم دخلها
بمواقفه الحازمة، حيث عالج مشكلاتهم بالطرق المناسبة لها، وعامل كل
طائفة المعاملة اللائقة بها، وحدد موقفه من كلتا الطائفتين، بحيث أصبح
المسلمون على بصيرة من أمرهم يعلمون مع من يتعاملون، وكيف يتعاملون؟
وبقي أن ينشر الإسلام لواء الأمن على جميع سكان البلاد التي
يحكمها، ولم يكن نشر الأمن، وسيادة الطمانينة بين الناس شيئا هينا، فإنه
يحتاح إلى سهر دائم، ويقظة مستمرة، وتشريعات محكمة منصفة رادعة، ولم
يكن ذلك ليغيب عن مشرع الدولة الإسلامية - حاشاه - وهو سبحانه العليم بما
يصلحها، ويقوم البيئة التي تعيش فيها.
ولقد كان هناك عاملان هامان سببا نشر الأمن بين المسلمين: أما
أحدهما فروحي، وأما الآخر فمادي.
العامل الروحي:
هو الأسس التي قامت عليها الدولة وأشرت إليها سابقا، وهي الأخوة
والمحبة والعدالة والمساواة، غرس الإسلام هذه المعاني في نفوس المسلمين
حتى استقرت فيها، وتمكنت منها فكانت أعظم أسباب الأمن والطمأنينية بين
الناس، علمهم الاسلام أن كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه.
فكفت الأيدي عن القتل، وعفت النفوس عن الأموال، واحترم كل فرد منهم
عرض أخيه، فمن أين تأتي الفوضى؟ وكيف يضطرب حبل الأمن؟؟ وخوفهم
من الله وعقابه، فكيف يجترتون عليه؟.
إن شعور المسلم باخوته لكل مسلم، يحول بينه وبين الاعتداء عليهم،
وإحساسه بالمحبة المتبادلة بينه وبينه يمنعه من استحلال دمه وماله وعرضه،
وتحقق العدالة والمساواة بين المسلمين يزيل الأحقاد والضغائن من القلوب،
فتعيش في رحاب الإيمان، يغمرها الحب، وتشملها الأخوة، فلا محل
96