102…لقد وسع عثمان كثيراً على المسلمين لأن هذه طبيعته حتى في ماله الخاص، أليس هو الذي جهز جيش العسرة، واشترى بئر رومة ليوسع به على المسلمين، وكان يعتق في كل جمعة رقبة إلى غير ذلك من الأمور العظيمة التي لم يستطع غيره القيام بها.
لقد كان عثمان -رضي الله عنه- يعتقد أن المال مال الله، وأن الخلق عيال الله، فمذاا عليه لو وسع عليهم؟.
وكما خالف عثمان وجهة نظر عمر في التوسيع على المسلمين، والزيادة في أعطياتهم خالفه كذلك في النظام الإداري حيث كان يولي أقاربه على الولايات، ويجزل لهم العطاء.
كان عثمان يعتقد أن أقاربه وذوي رحمه أولى ببره ورعايته ما داموا أكفاء، ولا يقلون عن غيرهم في غنائهم وكفايتهم، وكان يعتقد أنه بتوليتهم أمور الدولة يصل رحمه، ويتقرب بذلك إلى الله - عز وجل - وقد كانوا أطفاء لما أسند إليهم من الأعمال، مخلصين له أكثر من غيرهم من الرجال.
ولو استثنينا ما ارتكبوا من أخطاء لم تؤثر في كفايتهم، ولكنها كانت تؤثر في سلوكهم لوجدناهم بحق أكفاء في كل ما أسند إليهم سواء في القيادة العسكرية، أو في الإدارة والسياسة فمروان بن الحكم صاحب سره وكاتبه، وعبد الله بن أبي سرح قائد معركة الصواري التي انتصر فيها على الأسطول البيزنطي، والوليد بن عقبة بن أبي معيط الذي اهتم بسد الثغور، وأمعن في الفتح، وبلغ في ذلك غاية عرفت له، وتحدث بها الناس في حياته، وبعد موته (1) ثم كان سعيد ابن العاص، وهو فتى من فتيان بني أمية، معتدلاً مستقيم الخلق، أبلى فأحسن البلاء في فتوح الشام (2).
هؤلاء هم الذين ولاّهم عثمان من أقاربه، وكلهم كما رأينا أهل كفاية ونجدة، وشجاعة في الفتوح، وتدبير للأمور (وكان لهم بأس في الحرب،…
__________
(1) الفتنة الكبرى ص: 94.
(2) نفسه ص: 101.