115…يقول: يا عجبا ممن يؤمن برجعة عيسى بن مريم ولا يؤمن برجعة محمد، ومحمد أفضل من عيسى، ويستدل على ذلك بقوله تعالى: (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد) (1) كما كان يقول: (إن علياً هو وصي محمد من بعده) (2).
وهو أول من أظهر القول بالنص بإمامة علي -رضي الله عنه- ورغم أن علياً حي لم يمت ففيه الجزء الإلهي، ولا يجوز أن يستولي عليه، وهو الذي يجي في السحاب، والرعد صوته، والبرق تبسمه، وأنه سينزل إلى الأرض بعد ذلك فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً (3).
وابن سبأ حسب آراء المؤرخين رجل خطير، له أغوار بعيدة خفيت على كثير ممن اتصل بهم، والذي يظهر من هذه الروايات أنه كان داهية، يعرف كيف يدخل على القلوب، وكيف يقنعها بما يريد، ويبدو لمن يتمعن فيما أدخله على المسلمين من هذه الآراء الفاسدة التي لم يعرفها المسلمون من قبل ابن سبأ، أن فيها خطراً داهماً يهدد العقيدة من أساسها، وينحرف بالمسلمين عن الجادة التي تركهم عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصاحباه أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما- مما يدل دلالة واضحة على أن الهدف الذي سدد له ابن سبأ سهامه ليس أمير المؤمنين، ولا نقل الخلافة منه إلى الإمام علي -رضي الله عنه- كما تظاهر ولكن كان هدفه الإسلام، وكل همه القضاء على تلك الدولة التي قضت على ما كان يتمتع به اليهود من الهيمنة والسلطان على عرب المدينة والحجاز عامة (4).
رأي الدكتور طه حسين في ابن سبأ ومناقشته
ويحاول الدكتور طه حسين التقليل من شأن ابن سبأ، ويدلل على أن المؤرخين أسرفوا في الكلام عنه، وبالغوا فيما نسب إليه، ويحاول أن يثبت…
__________
(1) و (2) الطبري (4/ 341).
(3) الملل والنحل (1/ 174).
(4) حاشية مقالات الإسلاميين ص: 50.